إلى أين تأخذنى هذه العجلة ؟

من اغرب الأساطير اللى تأسست سريعا بعد انتصار ثورة يناير سياسيا هى المناداة المهووسة والمشبوهة فى رأيي باستعادة دوران ” عجلة الإنتاج ” ، الحقيقة  الشعار ده كان وراه تكتيك ذكى جدا من الثورة المضادة حتى لو كان عفوى وغير واعى بنفسه فى بداياته وده لعدة أسباب حعددها فى النقط التالية :

أولها : ان اوائل الناس اللى اتكلمت بهوس عن استعادة دوران عجلة الإنتاج كانوا غالبيتهم ناس غير منتجين بالمرة ، شوية مضاربين ومقامرين فى بورصة مصرية تعيسة ، ربات بيوت برجوازيات ، موظفين خدمات فى اجهزة بيروقراطية ، اى ناس هم فى أفضل الأحوال مجرد مراكز تكلفة محتاجه تتراجع هى مين وليه عشان عجلة الانتاج تمشى فعلا وفى اسوأ الأحوال كانوا مجموعة من المقامرين واللصوص اللى محتاجين يتحبسوا او يتعاقبوا .

ثانيها : إن المنتجين فعلا – اللى هم العمال والفلاحين برضه غصب عن دين أم اى حد – كانوا من الطبيعى إنهم يناقشوا أولا مواقعهم  داخل عجلة الإنتاج اللى مش دايرة اصلا وبعدين بعد كده يطرحوا أو ميطرحوش وضع العجلة نفسها ومستقبلها ، ده اللى حصل نسبيا فى اول شهور بعد الثورة وده المنطقى طالما أن العمال والفلاحين معندهمش تصورات متماسكة عن كيفية دوران عجلة الانتاج لأنهم مش حاملين لأى وعى أو ايديولوجيا تأسيسية بالأصالة عن نفسهم تخليهم يقولوا ايه اللى مفروض يحصل وبالتالى كان على الطرف التانى أنه يحمد ربنا ان الثورة متكلمتش  من الأصل عن كيفية إدارة عجلة الانتاج ،عشان كان زمان حبة حلوين من الشاكين من توقف العجلة يا إما فى السجن يا مبيخرجوش من بيوتهم ، بس بصراحة  أشهد ليهم بالمهارة أنهم قدروا وعرفوا  يقلبوا الترابيزة ويتهموا المنتجين بإنهم هم اللى معطلين عجلة الإنتاج إياها  ، والحقيقة الشيء اللى يستدعى التأمل الحقيقى ونناقشه  سوا فعلا  سؤال هو ليه وأزاى تم الاستسلام بسرعة لقلبة الترابيزة دى والخطاب المضل المضلل ده بدون مقاومة او تفكيك ليه لأنه بالفعل كان خطاب كذوب جدا وضعيف جدا من اللحظة الأولى .

ثالثا : كتير من المنتجين من ملاك ادوات الانتاج وأصحاب الأعمال – وانا شفت حالات كتير بعينى – كانوا بيفضلوا يقفلوا مصانعهم ومراكز انتاجهم بالضبة و المفتاح ويختاروا تعطيل ووقف الإنتاج تماما ولا إنهم يفاوضوا العمال على شروط عمل أحسن  والظاهرة دى كانت واحدة من  أكتر السلوكيات الرأسمالية انحطاطا وشذوذا ومش فاكر أنى قابلتها أو سمعت عنها قبل تجربة يناير 2011 ، كانوا بيلعبوا لعبة حافة الهاوية مع المنتجين الحقيقيين تحت عنوان يا تقبلوها كده كما هى يا إما حاخد هوامش ربحى والتراكم بتاعى وأركن فى الخط ، و الحقيقة السلوك ده كان المفروض ينبهنا لقد ايه فيه مكون شديد الشذوذ والتدمير فى بنية وعى البرجوازية المصرية واللى ممكن يوصلهم إلى حد تخريب الحياة بالمجمل عشان ميقدموش تنازل اجتماعى او ينزلوا من عليائهم .

رابعا : كان برضه فيه استسلام غريب وعجيب من جانب التيارات اللى حسبت نفسها على الثورة للترهات بتاعة عجلة الانتاج دى وتم صناعة خطاب دفاعى جبان جدا اسمه لا والله يا عمو انا حلو – انا شاطر – أنا احافظ على نظافة بلدى – أنا لا اعطل السياحة – إحنا شباب بتحب مصر بجد بجد ، بمعنى أن الثورة كانت مهزومة تماما من البداية فى المساحة دى بالرغم من أن خصومها كانوا فى اللحظة دى مهزومين تماما  وعلى راسهم بطحة  وفى أضعف موقف سياسى ليهم فى التاريخ كله تقريبا.

كان واضح جدا إن خطاب عجلة الانتاج بتاع الجيش وساويرس والبيروقراطية وربات البيوت ومضاربى البورصة ولاحقا الإخوان كان معناه الحفاظ على كل حاجه مكونات وعناصر البنية الإقتصادية بتاعة الوضع السابق واللى معلوم سلفا إنها مش منتجة و فاسدة وعطلانه او بطيئة و غير كفوءة ، والأهم من كل ده أنهم مستعدين يدمروا عجلة الانتاج بجد لو دفتها مش خاضعة لسيطرتهم بنسبة مائة فى المائة ، كان واضح جدا الكلام ده ولم يتم عمل اى خطاب مضاد ” عن الإنتاج ” فى مواجهة خطاب ” عجلة الانتاج الزائف ” اللى تم استخدامه من هؤلاء اللصوص ، وأكتفت عناصر الثورة بخطاب حرية حرية حرية حرية ردا على  أسئلة الإنتاج وعجلته .

طب ايه أخبار الحرية دلوقتى يا شباب .. عامله ايه  فى الحر ده ؟

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

من اغرب الأساطير اللى تأسست سريعا بعد انتصار ثورة يناير سياسيا هى المناداة المهووسة والمشبوهة فى رأيي باستعادة دوران ” عجلة الإنتاج ” ، الحقيقة  الشعار ده كان وراه تكتيك ذكى جدا من الثورة المضادة حتى لو كان عفوى وغير واعى بنفسه فى بداياته وده لعدة أسباب حعددها فى النقط التالية : أولها : ان…

أترك تعليق