المثلى الجدع و الراجل الخ 9 ل

قبل ما أسافر بره مكنش عندى اصدقاء مثليين ، كان فيه معارف أو ناس بحتك بيهم فى العمل العام والسياسى  ، وطبعا لأننا فى مصر فمكانش الأمر يتجاوز أنك تسمع من هنا أو هناك إن فلان مثلى  ولا أتذكر أن الناس اللى كان معروف إنهم مثليين كانوا بيعلنوا عن ده صراحة ، وكان حضورهم وسط الأنشطة الجماعية ملوش أى تجليات مميزة على الاطلاق تفصح عن هويتهم الجنسية ، وده اللى فهمنى مبكرا إن المثليين فى مصر كتير بس مفيش اعلان عن ده ، مش متذكرحد كان  له سمت واضح غير جار لينا كان غاوى غناء وبيفرض نفسه على الأفراح وكان بيغنى فيها بالعافية ومسمى نفسه عدوية ، كان تقريبا بيحط مكياج  خفيف بس لأنه كان تركيبة بلطجى ورباية شوارع فكان مش محقق الصورة النمطية الرخوة اللى عن المثليين ، لأنه مكنش منكسرولا على راسه بطحة  بالرغم من كونها  منطقة شعبية ومش فاكر أنى شفت حد بيتعرض له .

التحول الحقيقة حصل لما سافرت بره ، واشتغلت فى شركة كبيرة وكان المدير المباشر ليا اللى عمل لى المقابلة وخد قرار تعيينى مثلى الجنس ، واكتشفت ده بعد ما اشتغلت فى الشركة ، واكتشفت كمان إن لولا هذا الشخص مكنتش عرفت أبدا ادخل الشركة دى تحديدا لأنها شركة إدارتها بيضاء تماما والممارسات العنصرية فيها طبيعية ولا تعتذرعن نفسها ولا سيما ضد الناس اللى جايين من الشرق الأوسط والأسيويين ولولا هذا ” المثلى ” وتقبله ل ” الأرهابى المحتمل ”  اللى هو انا ،  مكنتش عرفت أعتب الشغلانة دى ، شرطا إن مكنش عندى خبرة محلية فى السوق الأسترالى وكانت أول شغلانة ليا هناك و غالبية الشركات بتطلب وجود خبرة محلية سابقة ، فبمعنى أصح الشخص ده هو اللى دخلنى سوق العمل الأسترالى فى مجال المنافسة فيه مش سهلة بالمرة .

فى الشغل نفسه الشخص ده كان جاد وحقانى ومركز جدا  فى شغله وفى نفس الوقت مش بيقف عند التفاصيل السخيفة الشكلية السلئدة فى مناخ الكوربريت بالذات لو كانت الشركة متعددة الجنسية وكبيرة ، وكان هو نفسه بيتعرض لتمييز برضه وسخرية أحيانا من بعض الزملاء ، زى أن مرة زميل لينا أسترالى قال سايمون أكثر رياضة  أوليمبية بيحبها هى المصارعة الرومانى ، ساعتها كنا فى ساعة الراحة فلقيته لف وقاله لا أنا  الحقيقة بحب الجودو وقام ماسكه وهابده على الأرض بحرص من غير ما يؤذيه عشان يفهمه أنه ممكن يموته لو حابب .

الشخص ده أنا مدين له مهنيا ومعرفيا جدا ، وحكالى بعد ما توطدت علاقتنا أزاى واجه أهله وقالهم أنه مثلى وقت ما كان ده صعب جدا ثقافيا هناك وأزاى أنه مر بفترات صعبة معاهم لحد مالدنيا بقت معقولة وفيه تفهم وتقبل ، كمان الشخص ده نفسه كان بالليل بيتحول وبيلبس جيبات جلد ويعمل لجان حراسة فى شوارع معينة  معروف أن المثليين موجودين فيها بكثافة عشان يمنعوا الاعتداء البدنى عليهم من الناس السكرانة فى الشوارع خاصة فى أيام العطل ونهاية الأسبوع واللى كان بيساعده فى ده أنه لعيب رجبى ويفصل من أى بنى أدم أتنين .

المقصد من الكتابة دى ، إن اللحظة اللى كسرت فيها الهوموفوبيا تماما كانت فى علاقتى بواحد مثلى بأشد التعبيرات المظهرية للمثلية وضوحا – راجل ضخم بيلبس جيبات جلد – بس فى نفس الوقت هى كانت اللحظة اللى الواحد فهم  فيها إن الأقليات ليهم شفرة تفاهم ما بين بعضهم البعض ، لأن بينما هو كان بيعانى من الهوموفوبيا أنا كنت بعانى من المحمدوفوبيا ، وده لأن انا شكلى وسحنتى وملامحى مكتوب عليهم   ” لا اله الا الله محمد رسول الله ” .

وبسبب الشخص ده أنا مره أخدت مخاطرة شخصية ، كنت فى قطار سريع ، وده نوع من القطارات اللى مش بيقف إلا فى عدد معين من المحطات وبالتالى لو دخلته مش حتعرف تخرج منه إلا بعد ثلث ساعة على الأقل بين كل محطة والثانية  ، وكان فى يوم بالليل ودخل القطار شاب هزيل الجسد جدا وواضح من مظهره أنه مثلى ، القطارات فى مدينة سيدنى دورين وأنا كنت فى الدور السفلى وسمعت أصوات طالعه من الدورالعلوى وباين من لهجة أصحابها إنهم استراليين بيض وواضح أنهم كانوا سكرانين وكانوا بيهددوا الولد ده بالضرب والاغتصاب  بينما هو كان واقف ميت فى جلده جنب باب القطاربيعد الدقايق لحد ما القطار يقف فى المحطة اللى بعدها ، ناديت عليه وحرصت أنى اتكلم بلكنة عربية واضحة وقولتله تعالى أنزل تحت متخافش منهم هم عارفين اللكنة دى جايه منين ، وطبعا عم الصمت لأنهم جبانات و بيخافوا من الاشتباك مع العرب لما لنا من سمعة طيبة وحسنة ولطيفة ، وكان ده سبب أنى أنقذت الولد ده  واللى نزل فى المحطة اللى بعديها يجرى .

رهاب المثلية مهواش طبع أصيل  فى وعى الإنسان ولا شيء راسخ فى جيناته ، هو بنسبة 90% ثقافة بيتم تناقلها وغرسها من الصغر  وبيتم تكرارها شفهيا بشكل يرسخها ، وبتتغير بالتجربة وبالتعامل الإنسانى ، وبتتغير كمان لما الإنسان يتصالح مع فكرة أن فيه هوية هو مش بيفضلها  ومش ميال ليها بل وعنده  حساسيات دينية و ثقافية متراكمة ناحيتها لكن بينتمى ليها ناس هو بيحبهم ويحترمهم ، ساعتها التأمل فى الأمر حياخد طابع مختلف ، لأن فنانين وكتاب ومثقفين ورياضيين وشخصيات عامة كتير من مصر ومن كل الدنيا  هم مثليين جنسيا وكتير منهم محبب إلى قلوب الناس فعلا ، وكتير من الناس اللى متربية على كراهية المثليين جنسيا بيحاولوا يتناسوا ده عشان ميكرهوش الشخص المثلى اللى هم يقينا بيحبوه ، عشان كده كل محبى الكورة فى مصر عمرهم ما دققوا فى تفاصيل وشكل وسمات شخصيات رياضية وإعلامية معينة هى محببة ليهم جدا جدا ومحل إجماع ، مع أن المسألة واضحة تماما !!

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

قبل ما أسافر بره مكنش عندى اصدقاء مثليين ، كان فيه معارف أو ناس بحتك بيهم فى العمل العام والسياسى  ، وطبعا لأننا فى مصر فمكانش الأمر يتجاوز أنك تسمع من هنا أو هناك إن فلان مثلى  ولا أتذكر أن الناس اللى كان معروف إنهم مثليين كانوا بيعلنوا عن ده صراحة ، وكان حضورهم وسط…

Comments

  1. دايما في أي قرية في الريف المصري فيه شخص مثلي معروف هويته الجنسيه لاهل القريه أو الحي الشعبي و محدش بيأذيه و ده مؤشر أن التعاطف الانساني بيك ن موجود بس دايما محل وصم و تنمر و شكرا علي البوست الجميل ده

أترك تعليق