الجربعة والستر والفضيحة والحقيقة
- by محمد نعيم
لو البنى ادمين ارتدوا قيميا للحضيض حيلاقوا نفسهم بيرجعوا للوصايا العشرة بتاعة موسى او لقوانين حمورابى الأولى بتاعة لا تقتل ولاتسرق، بس أحنا مش سهلين برضه ومطورين مفاهيم قادرة على محاصرة اتخن مفهوم ، فوصلنا الى مفهوم التفافى اجتماعى اسمه ” الحرامى مش اللى يسرق الحرامى اللى يتمسك ” ومفهوم التفافى خاص اسمه ” اذا بليتم فاستتروا “
فى المجتمعات الحديثة اللى ” الفرد ” فيها أصبح مهم ، الفرد ووعيه وسلوكه المتفرد ، واللى فيه بقينا كلنا نظريا ” مواطنين ” مش عبيد ولا أقنان ولا أجساد منقولة الملكية ، وعليه بقى البنى ادم كنفر مسؤول عن سلوكه ، وسلوكه بقى تأثيره ملحوظ على الأخرين بما إن الأخرين كلهم برضه بقم مواطنين وليهم أهلية وبالتالى المجتمع بقى معقد وقايم على شبكة معقدة وواسعة جدا من التعاملات بين بشر ليهم اهلية ، الوضع ده خلق حاجة ملحة لفكرة ” الإتساق ” أو توخى الأتساق ، أى تناغم سلوك الفرد مع المعتقد والأفكار اللى بيدعى تبنيها والسعى للحفاظ على حالة الإتساق دى قدر الامكان ، ومحاولة الشخص تهذيب نفسه والتحكم فيها بالشكل اللى يساعده أنه يبقى جزء من جماعة كبيرة جدا من الأفراد اللى زيه بحيث يقدروا يعيشوا سوا ويكملوا العيشة معا بأقل ضرر .
وهنا وجود معتقد أو أى نظام قيمى أيا كان ويكون مهيمن مجتمعيا مش كفاية ، ومش كفاية كمان أنه يبقى للمعتقد سيادة كابحة بقوة القانون لحدود الردع والعقاب ، ده كمان مطلوب أن الإنسان مش بس يبقى مؤمن بالمعتقد او مستسلم ليه أو شايف أنه صح بشكل مجرد وخلاص ، لا ده كمان لازم الإيمان ده يتم ترجمته من خلال سلوكيات متناسقة الإنسان بيراقب بيها نفسه من خلالها طول الوقت .
لكن لو رجعنا تانى ” للحرامى مش اللى يسرق الحرامى اللى يتمسك ” أو ” إذا بليتم فأستتروا ” بنوصل إلى إن فى بعض الاجتماعات العامة بيبقى فيه تواطؤ جماعى على صعوبة الإتساق ده وعدم عمليته أو حتى استحالة إمكانيته وبيبقى فيه تواطؤ إن الناس تعمل فى السر اللى تحبه فى مقابل إننا فى العلن نعلن الخضوع الشكلى لحزم من القيم والممارسات المعينة ويا سلام لو هى ممارسات رمزية زى اللبس أو المظهر عموما .
اللى بيزيد الأمر ظلاما هو إن شرط ” السترة ” هو الكذب والتضليل والمناورة بشكل يخلى المجتمع العام والمعلن أكثر ديكتاتورية ونمطية ومش مسموح فيه اإلا بشكل واحد من السلوك وبتبقى الخيارات المتاحة بشكل جماعى قليلة جدا ونمطية جدا ومتفق عليها بصعوبة ، أى بشكل يخلى كل ماهو عام مغلف بالخوف والمحدودية والضجر والاستعداد للإنفجار الدائم معا و فى نفس الوقت ، وده بسبب إن كله عارف إن بيكدب على كله ، وده ملوش الا حل واحد وهو القمع المستمر ، إن المجتمع يبقى فى حالة قمع لا تنتهى وتخويف بلا حد للدرجة اللى تخلى الإنسان مكبوح عن ارتكاب أى جريمة ايا كانت فقط خوفا من العقاب بالاساس اكتر من خوفه من ضميره .
هو طبعا مفيش ضمير اوى يعنى ، لأن المعتقد اصلا ضعيف وغير راسخ والعلاقة بيه قايمه إما على الخضوع المذلول ليه ، أو كراهية سطوته أو الأحساس المستمر بالذنب والعار لعدم القدرة على الوفاء بمتطلباته، وطبعا دى قصة علاقة نسبة كبيرة من الناس فى المجتمعات الحديثة بالأديان مثلا .
الفرد هنا مهواش حر فى حياته الخاصة ، الفرد غالبا بيبقى مجرم فى حياته الخاصة من وجهة نظر نفسه الشاعرة بذنب لا حدود له ، وغالبا مش بيحاول يحل المشكلة دى مع نفسه ، غالبا بيوفر كل طاقته لمواجهة الخوف والقمع اللى فى ” حياته العامة ” ولتسخير قدرته على التكيف والخضوع والتمثيل والاختباء والاختفاء في داخل هذا ” العام ” ، جهد نفسى جبار ورهيب .
طب ايه علاقة كل ما سبق بالجربعة ؟
الجربعة هى أن البنى أدم يعمل كل اللى شرحته فوق ده بوعى و إرادة ونية ، ولما يكتشف نفسه مش بس يكمل فى اللى بيعمله ، لا ده كمان يجود ، وتلاقيه ماشى برزالة يوعظ فى الناس ، أو يفتش فى ضمايرهم ، أو اللى فيه يجيبه فى الناس ، أنه يساهم فى الارهاب والتنميط والكبت والقمع باسم النسق الواحد الموحد الدينى المتعسكر ، فيبقى الناس لازم تلتزم بلبس معين ومتقولش كلمات معينة ومتجهرش بأراء معينة وتتجنب الصدام مع اى معنى مهيمن وغالب بالقوة المجردة ، بل وتدين من يحاول الصدام مع المعانى دى ، لكن برضه مع الايمان العميق بأن الحرامى مش اللى بيسرق .. الحرامى اللى بيتمسك .. واذا بليتم فأستتروا .
لو البنى ادمين ارتدوا قيميا للحضيض حيلاقوا نفسهم بيرجعوا للوصايا العشرة بتاعة موسى او لقوانين حمورابى الأولى بتاعة لا تقتل ولاتسرق، بس أحنا مش سهلين برضه ومطورين مفاهيم قادرة على محاصرة اتخن مفهوم ، فوصلنا الى مفهوم التفافى اجتماعى اسمه ” الحرامى مش اللى يسرق الحرامى اللى يتمسك ” ومفهوم التفافى خاص اسمه ” اذا…
For Giulio Regeni نشيد الأممية
الوسوم والمفاتيح
أقباط أممية أنور السادات إسرائيل الأهلى الإخوان المسلمون الإسلاميون الإسماعيلى التطبيع التفويض الثورة الفلسطينية الثورة المصرية الجمهورية الجيش الربيع العربى الزمالك السيسى السينما المصرية الشيوعيون الصحوة الإسلامية الصين الطبقة الوسطى الفاشية الكورة المصرية المراجعة الوطنية المصرية الولايات المتحدة اليسار تاريخ العصامية والجربعة ترامب تيران وصنافير جمال عبد الناصر حرب أكتوبر حريق القاهرة حسنى مبارك دولة يوليو صلاح نصر فلسطين ماسبيرو مرأة مصر نسوية نوستالجيا هزيمة يونيو يناير
قائمة الكتابات بحسب المسائل والهموم
M | T | W | T | F | S | S |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |