كاسترو ليس القذافى – أو – ليس كلُ عند العرب صابون

مات فيديل كاسترو وقبل الخوض فى نقاشات أغلبها محمل بصور نمطية وكلام دعائى فهناك خمس معلومات سريعة  ومبدئية يحتاج الإنسان معرفتها عن فيديل كاسترو قبل فتح أى نقاش جدى حول تجربته .

– محامى برجوازى شاب وغنى يعتنق ايديولوجيا وطنية متطرفة ” بوليفارية ” وزعيما لحزب اسمه ” الحزب الارثوذوكسى ”  يقف ضد الفساد والظلم والحكم العسكرى وكان عمره وقتها  25 سنة  بعدها  بيعمل محاولة عصيان مسلح فى 26 يوليو 1953 فى ثكنة مونتكادا العسكرية بقيادة الجناح المسلح للحزب وبتفشل  المحاولة دى فشل تاريخى وبيتحكم عليه وعلى قادة الحزب بالإعدام ، بيعمل دفاع سياسى شهير اسمه ” سينصفنى التاريخ ” ولسبب مجهول بياخد عفو وبيطلع على المكسيك بيأسس هناك حركة 26 يوليو و وبيرجع على كوبا عبر إنزال بحرى من المكسيك على مركبتين متهالكتين ومعاه ما بين سبعين لثمانين نفر بالعدد ، الحركة  دى كانت حركة مقاومة وطنية و بيدعمها منشقين ضد حكم الجنرال باتيستا .

– كفاح طويل بينتهى بأن مسلحى وجيش حركة 26 يوليو بيدخلوا هافانا ويستولوا على السلطة مطلع عام 1959 بس الناس محتاجة تعرف انه لحد منتصف 1960 مكنش فيه تبنى  رسمى من حركة 26 يوليو للماركسية اللينينة ، وده اللى بيفسر انها متحاربتش بضراوة من الأمريكان من البداية أيام ما كانوا تايهين ومشتتين فى حروب عصابات فى غابات  كوبا.

– تبنى المجموعة دى للماركسية واعلانها انها جزء من الحلف السوفيتى كان من واحد من اسرع واقسى المفاجأت اللى تعرضت ليها الولايات المتحدة وكانت واحده من اكبر المخاطرات السياسية فى التاريخ لانها فى ظرف شهور حطت العالم على حافة حرب نووية لان كاسترو سمح للسوفيت انهم ينقلوا صواريخ نووية لشواطئ بلاده اللى هى على الحدود الامريكية لزق .

– الحالة بتاعة فيديل كاسترو دى كانت بتمثل أعلى وأكبر استفادة ممكن تعملها بلد عالم تالت صغير فقير تعيس غلبان معدم من اللعب على التناقضات بين القوى العظمى وبالشكل اللى يسمح لبلده دى انها تنقل بسرعة قياسية فى مجالات كتير بسبب الدعم السوفيتى السخى ، ودى حاجه معملتهاش هاييتى مثلا ولا جرينادا ولا دول الكاريبى اللى الناس مش عارفه اساميها اصلا الا من الأولمبياد .

– فى منتصف خمسينيات القرن العشرين وفى بلد اسمها جواتيمالا حاول مره كولونيل فى الجيش اسمه اربينز أنه يستولى على السلطة ويعدل من صيغة العلاقة بين جواتيمالا و بين شركة الفواكه الاحتكارية الامريكية – ومن هنا جه اسم جمهوريات الموز بالمناسبة –  الشركة دى كانت بتمتلك كل البلد تقريبا واللى كان احد المساهمين الكبار فيها هو الان دالاس مدير ال CIA وقتها واللى رتب ضده انقلاب مضاد واللى اتعمل زيه عشرات المرات فى كل دول امريكا الوسطى تقريبا ماعدا كوستاريكا وكان نتيجته حروب أهلية وحكومات عسكرية قتلت عشرات ومئات الالاف من البشر ” محدش بيفتكر ديكتاتوريتهم ولا يعرف اساميهم حتى ”  ، كوبا بقى  مكنتش جمهورية موز ، كوبا كانت جمهورية قصب السكر اللى فيه شركات احتكارية أمريكية مسيطرة برضه على محصوله ، وفيديل كاسترو كان باديء من نقطة اسمها أنه من البلد اللى بتزرع قصب  .

المقدمة السابقة الواحد كان محتاج يقولها عشان الناس محتاجه تتواضع شوية وتعرف إن المكتسبات ” الطبيعية ” اللى هى متصوراها ” طبيعية ” على مستوى العالم مجتش لوحدها من الفراغ ، مفيش تصورات ” حقوقية محضة ” عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تم إنجازها عشان الضمير الإنسانى صحى فجأة او لأن ” الوعى ارتفع ” ، المقرطة السياسية والحقوق والحريات الفردية مزادتش مساحتها لأن ايمان الافراد بيها ترسخ ، دولة الرفاهة متحققتش عشان أهل الخير سادوا الأرض ، كل ده كلام مثالى وفارغ .

الغرب الرأسمالى معملش الكلام ده الا فى مواجهة شبح اسمه الشيوعية كان بيرفع شعار تحرير العمل وكل من حسب قدرته ولكل حسب حاجته ، ومن غير شبح الشيوعية ده كان زماننا مستعمرات بالكامل إلى الان وكان زمان المثقف الحقوقى قاعد ورا جاموسة و البلهارسيا بتهرى جتته ،  ايوة كده ومن غيرمواربة وهو العالم أوانى مستطرقة وبيسمع فى بعضه ولما كان الجدل العالمى بتقوده الشيوعية و النزعات الأممية كان العالم بيتقدم ويصبح اكثر عدالة حتى لو كان التقدم والعدالة بيتموا من خلال ماكينة خصمه الرأسمالى وبالجدل والسباق معاه ومع افكاره ومنطقه ، ولما الشبح ده زال وبقى عرضة للسخرية والتسطيح والتمسيخ من تفه ما بعد الافكار والمعانى والفلسفات ، وأصبح نجوم العالم هم أسامة بن لادن ودونالد ترامب وحكيمة الكوكب هى انجيلا ميركل ، وقتها تقدروا تعرفوا وتخمنوا فى أى عالم الناس لاحقا حتعيش وبأنهى سقوف  منخفضة حتكمل ، وحتقدروا تستنتجوا أن مفيش مكاسب ابدية وان مفيش حقوق for granted ، وإن الزرار النووى حيتحكم فيه شوية مهاوييس على ظهر الكوكب وأن الوجود الانسانى برمته فى خطر ، وفى السياق ده يتفهم ليه ممكن واحد زى حالاتى مياخدش كاسترو بخفة ويقول أنه كان مجرد ديكتاتور فظيع فظيع فظيع  شأنه شأن عيدى امين والملك الحسن و صدام حسين وشاه ايران .

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

مات فيديل كاسترو وقبل الخوض فى نقاشات أغلبها محمل بصور نمطية وكلام دعائى فهناك خمس معلومات سريعة  ومبدئية يحتاج الإنسان معرفتها عن فيديل كاسترو قبل فتح أى نقاش جدى حول تجربته . – محامى برجوازى شاب وغنى يعتنق ايديولوجيا وطنية متطرفة ” بوليفارية ” وزعيما لحزب اسمه ” الحزب الارثوذوكسى ”  يقف ضد الفساد والظلم…

أترك تعليق