غير الدم محدش صادق و جمل أخرى بلا معنى

لما شفت فيلم فرش وغطا بتاع احمد عبد الله لفت نظرى إن اصدق مشاهد الفيلم بالنسبة لى هى مشاهد الموت ، بساطته وسهولة حدوثه وإن ممكن واحد يبقى جنبك فوق مقطورة وفجأة تسمع صوت طرقعة خفيف وتلاقىه ميت أو بيفرفر ، أو إنك تبقى بطل الفيلم وتلاقى نفسك وسط اشتباك أنت مش فاهم أطرافه بالظبط وفجأة تاخد الرصاصة فى صدرك وشكرا وخلصت الحدوته ، كنت مستغرب جدا إن ما لمسته من إحساس أصيل باللحظة والتجربة بتاعة أيام الثورة الأولى عند صاحب العمل كان بالأساس عن سهولة الموت ، لأن كل كلام تانى فى الفيلم كان مقحم ، كانت مجرد خَطابه مجهودها الرئيسى هى اثبات إنها مش خَطابه – خَطابه بتتصور وهى مش واخده بالها – سواء كانت خَطابه شعورية أو إنسانوية فردية او خَطابه سياسية / اجتماعية ، حختصر واقول شعرت ب ” الزيف ” ، الموت ولحظاته كانوا أصدق حاجه ، غير كده كلام ملوش راس أو رجلين ومهواش لابس روح صادقة .

على مستويات القصص الفردية ينفع ان الواحد يسأل ويقول ، الناس دى ماتت ليه ؟ وعشان ايه ؟ ، سؤال منطقى بيتطرح فى أعقاب كل هزيمة ضحى  أثناء معاركها ناس بحياتهم ، الحقيقة أنا بحس إن الناس مكنتش عايزه تموت ولا كانت مصدقة إنها ممكن تموت وكانت الشجاعة معطوفة على ثقة ساذجة فى الإنسانية إن اللى حصل ليهم مش ممكن يحصل ،  يمكن كانوا حاسين إنهم مش نازلين عشان حاجه كبيرة أو مطلب جذرى لدرجة تستدعى سلبهم حياتهم وده صحيح لحد كبير ، يمكن هى الصدف وخلاص ، أنا مات و اتصاب جنبى اتنين، كانوا ممكن يبقوا أنا ، أو أصدقاء مباشرين ليا أو حد من أهلى .

على المستوى الخطابى العام الموضوع مختلف ومش بالبساطة دى ، عملية تمجيد الموت والشهادة اللى بتحصل مش مردها الشرف او القيمة الثأرية العربية اللى بتفكر الانسان بشهيده عشان يفضل غضبان  و منتظر لحظة القصاص والثأر اللى حياخده بطريقة أو بأخرى ، وإلا كان العنف المسلح بدأ من لحظة صدامات محمد محمود ، الحقيقة اللى ربما تكون قاسية هى إن تمجيد الشهداء سببه ومرده إن مكنش فيه حاجة تانيه تتمجد ، مكنش فيه معنى أكثر تجريدا الناس شايفه إن الموت يتضائل قصاده ، فتحول الموت والشهادة فى حد ذاتهم إلى أعلى مراتب المعنى .

مفيش مشروع  ثورى تقدر تقول إن  الشهيد مات عشان ينجح  ، فلو مات مليون شهيد يبقوا ماتوا فدا المشروع ده لو اتحقق ويبقى موتهم أسس حياة جديدة لأخرين أ للإنسانية كلها من بعديهم ، الشيوعيين كماديين وملحدين بيشوفوا فكرة التضحية بالمعنى وبالمنطق ده شيئ مفهوم بالرغم من أن التضحية بالحياة بالنسبة إلى ملحد شيئ المفروض أنه مش منطقى ، لكن ده فى فى رأيي هو أعلى درجات الإيثار لأن اللى بيضحى بحياته عارف إنه كفرد مش حياخد مقايل لاحق على تضحيته بس هو بيضحى لأن الخير والمساواة والعدل بمعناهم الكلى حيتحققوا من لحم ودم ومادة على الارض وقودها هى جسمه ، المنطق الإسلامى فى التضحية والشهادة بالرغم من فردانيته الكئيبة برضه يظل منطق مفهوم لأن الإنسان بياخد جزاء كبير على موته فى ملابسات معينه اللى بتتم وفقا لشروط دينية محددة جدا ، تلك التضحية اللى بيتم تعويضه عنها فى حياة أخرى بتفاصيل مشبعة للإنسان الفرد .

فعلا مكنش فيه مشروع ” ذهنى وتاريخى ” خلال تجربة يناير لدرجة إن مقولات عدمية منزوعة الصدق زى غير الدم محدش صادق أو قادتنا هم شهدائنا تبقى مقولات سائده طالعه من نفوس صادقه ولكنها نفوس بلا رأس وتفتخر بإنها بلا رأس ، لكن برضه ومهما كان ومهما حصل – متوصلش لدرجة اننا ننزل صور الشهداء دول انتخابات مجلس شعب إحنا مقاطعينها فى مجاز يائس للغضب – الشهداء دول كانوا أبناء ذكراهم اللى إحيائها حق علينا ووفاءا لتجربتهم اللى هم خاضوها بنفسهم وبإرادتهم العظيمة الحرة اللى انتهت بموتهم، مش لإخفاقات الناس السياسية الحالية وعجزهم عن صياغة مشروع .

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

لما شفت فيلم فرش وغطا بتاع احمد عبد الله لفت نظرى إن اصدق مشاهد الفيلم بالنسبة لى هى مشاهد الموت ، بساطته وسهولة حدوثه وإن ممكن واحد يبقى جنبك فوق مقطورة وفجأة تسمع صوت طرقعة خفيف وتلاقىه ميت أو بيفرفر ، أو إنك تبقى بطل الفيلم وتلاقى نفسك وسط اشتباك أنت مش فاهم أطرافه بالظبط…

أترك تعليق