التسجيلات والتسريبات من حبيب العادلى و حتى عبد الرحيم على

إحتاج الأمر لأكثر من يوم لتأمل مسألة التسجيلات والتسريبات التى أطلقها عبد الرحيم على  ، المفزع فى مسالة التسجيلات ليس محتواها البائس لكن تحولها فى الفترة الأخيرة الى سلاح للمناوشة و الردع الخفيف او كسب النقاط بين الخصوم وليس حتى سلاح للحسم او الردع الحاسم .

لدينا موروث أسود من عالم الستينيات ومستمر معنا إلى الان ، اعترف به بالفعل عدد كبير من الظباط المتقاعدين، وهو اعتيادية وربما دورية تسجيل مكالمات من يختارونه هم من المواطنين والتنصت على أحاديثهم الخاصة ومعرفة أدق تفاصيل حياتهم ، يتبارى فى ذلك عدد مختلف من الأجهزة الأمنية ، جهاز أمن الداخلية وجهاز أمن المخابرات وجهاز أمن الجيش ، والضحايا هم الجميع بدءا من الجلادين أنفسهم حتى عامة المسحوقين، بدءا من رئيس الجمهورية نفسه – جمال عبد الناصر وقتها –  حتى اصغر فنانة شابة راق جسدها لأحد الظباط ، هذه الامكانية الإرهابية معروفه لغالبيتنا إن لم يكن باليقين فبالحدس على الأقل .

هذه الأدوات الارهابية الخسيسة كانت ولازالت أحد احط طرق ردع واخضاع وكسر إرادة عدد كبير من المواطنين والمواطنات ، خاصة المؤثرين والمشهورين منهم والنساء قبل الرجال ، تذكير الجميع بأن الأمور تحت السيطرة وأن كل شخص يمكن أن يظهر أو يطل برأسه داخل الحيز العام  معرض للسحق والسيطرة عليه من خلال سقطات حياته الخاصة أو حياة ذويه ، وهو أمر شديد السهولة فى مصر حيث الأصل هوشفرات الاجتماع العام هو النفاق والرياء والتناقض الشديد بين القول والفعل أو بين ما يدعى  الفرد ممارسته فى الحيز العام وبين سلوكه الشخصى فى الحيز الخاص سواء على مستوى الفعل او اللغة .

ولاننسى كيف تحدث المجرم حبيب العادلى أمام محكمته حين قال ” إحنا بنسجل لبعض الناس وبنتابعهم ونتابع سلوكهم وبعدين لو لقينا حاجه غلط نرجعلهم ونكلمهم أهو منه تقويم ومنه تجنيد “ ، لذا أشعر أحيانا بقدر من الشفقة على عدد من الفنانين والمشاهير ” محدودى الذهن المعرفة ” الذى يصطفون بجنون وبسرعة البرق خلف أى وكل خيار تؤيده الأجهزة الأمنية نظرا لما قد أتصوره مساومة مستمرة معهم على تاريخهم الشخصى أو ما يمكن تسميته ب ” ظاهرة المخبر الذاتى ” المتطوع رعبا .

لكن بالرغم من إجرام ودناءة هذا السلاح كان هناك دائما شفرة منضبطة تحكم التعامل بين أطرافه او بمعنى أصح بين ضحاياه المحتملين ومجرميه القائمين ، نوع ما من انواع التطبيع الذليل قائم على التعامل على أن التنصت والمساومة والفضيحة سلاح لا يتم الإفراط فى  استخدامه وأن القائمين عليه هم حملة للأسرار خاضعين تماما لسيطرة أجهزتهم  وقواعدها المهنية وأن مستوى ما من الرشد يحكم الأمر والأهم ان ثمة مستوى عالى من النزاهة الوظيفية يتمتع بها حفظة تلك الأسرار تجعلها تحت السيطرة وليست خاضعة لقوانين العرض والطلب المالى او السياسى .

حين أذاع عبد الرحيم على مكالمات تليفونية خاصة لعدد من الشخصيات السياسية قفز لذهنى وقتها سؤال هل هو مكلف من الاجهزة الامنية بإفشاء تلك الإتصالات أم انه اشترى تلك الإتصالات كجزء من عملية الدعاية لبرنامجه وجذب جمهور اوسع له ، لكن مع قدر من التأمل وجدت أن يمكن للأمر أن يكون الأثنين معا  ، تكليف وبيزنس وفائدة لكل الاطراف ، فعبد الرحيم على بأموال إماراتية اشترى حزمة من المكالمات التليفونية من ظباط أمن دولة ولكن فى صراع لاحق كان موضوعه هو افشاء اتصالات لنجيب ساويرس شخصيا ، فقام ساويرس بشراء قناة القاهرة والناس فى التو ليمنع عبد الرحيم على من الظهور .

أى أن نجيب ساويرس يستطيع  نظريا شراء الأرشيف المصرى للإتصالات الشخصية إذا دفع أكثر وتستطيع السعودية او إسرائيل او أيا من كان شراء ساويرس والأرشيف  ، الأمر كله أصبح معرض لأن يكون سلعة فى سوق ، لقد اشترى الاخوان تسجيلات السيسى الأولى المسربة من داخل الجيش والشئون المعنوية وأشتروا لاحقا تسجيلات لا يمكن أن تسجل الا عبر أجهزة أمنية مدربة ،  الإشكال الأكبر فى هذا النوع من الصراعات التى تستخدم هذه الأدوات الخسيسة هى  كونها صراعات قابلة للتصعيد بذات الأدوات ، فعناصر الإخوان الذين اذاعوا تلك التسريبات بحماس واستثارة يمكن الرد عليهم لاحقا بنشر أسرار شخصية لبيوتهم وعائلاتهم، فالإنحطاط لا قاع له ولا ننسى اأن سلسلة حرب التسريبات كانت ضربة البداية فيها هى نشر الأخوان تسريبات لعبد الفتاح السيسى .

وإذا كان الناس  ارتضوا  قسرا صيغة الدولة الأمنية فهم بالتأكيد غير مؤهلين للتعاطى مع مرحلة الدولة الفضيحة وعصاباتها الأمنية التابعة لرأس المال و للخارج ، نعم لرأس المال وللخارج تماما كما يتهموا قوى ثورة يناير أناء الليل وأطراف النهار ، لقد تعلمنا فى الصغر أن الخوان خائن ، وانا  هنا غير معنى فى هذه الكتابة بمناقشة فحوى التسجيلات ودلالاتها ، أنا معنى فقط بأن كل شيئ فى مصر اصبح على قارعة الطريق ومدفوع الثمن فى الداخل والخارج ، ولتحدثونا  إذن عن ما لا تعرفه إسرائيل عنا وليس عن ما تعرفه. 

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

إحتاج الأمر لأكثر من يوم لتأمل مسألة التسجيلات والتسريبات التى أطلقها عبد الرحيم على  ، المفزع فى مسالة التسجيلات ليس محتواها البائس لكن تحولها فى الفترة الأخيرة الى سلاح للمناوشة و الردع الخفيف او كسب النقاط بين الخصوم وليس حتى سلاح للحسم او الردع الحاسم . لدينا موروث أسود من عالم الستينيات ومستمر معنا إلى…

Comments

  1. After a few minutes I read this article there are some things that I am not clear on what the sentence means if it can be explained in another article

أترك تعليق