الإنحيازات أبسط من أن تلتبس

معظمنا بقاله على الفيسبوك من 8 ل 10 سنين ، مرت علينا فيه مراحل مختلفة ، مراحل كان فيه مجال لتبادل المرح والتواصل مع دائرة الأصدقاء الحقيقيين فى الواقع ومراحل اصبح منصة سياسية لينا نكلم فيها دوائر أوسع ومراحل اخرى بقى منصة سياسية أوسع نتصور من خلالها اننا بنخاطب ” الرأى العام ” بمفهومه المجرد فى وقت أصبح فيه غالبية الناس مهتمة جدا بالشأن العام وعايزة تتعرف على تصورات جديدة وده موجود أكتر عند الناس اللى عندهم متابعين كتير ، لكن الحقيقة مع الاغلاق المستمر للمجالات الحية والمادية للجدل ووسائطه المختلفة تحول الفيسبوك لمنصة صحفية وخبرية وتحليلة الخ .

المسألة دى مربكة فى الحقيقة لأن قدرة الناس على التعبير عن أفكارها وانحيازاتها بقت مشوبة بحسابات مختلفة منها السياسى والتنظيمى والمصالحى ومنها الوهمى اللى له علاقة بتصورات مش شرط تكون دقيقة عن طبيعة ” الجماهير ” اللى بيتم مخاطبتها ، فحصل نوع من اللخبطة بين تصورات الناس عن نفسها كفاعلين سياسيين بتقول ” مواقف ” يترتب عليها تأثير وبالتالى يحطوا فى اعتبارهم هم بيكلموا مين وبيكلموه ازاى ما وبين كونهم مثقفين أو مهتمين بالشأن العام بيقولوا رأيهم الشخصى بوضوح وجلاء بصرف النظر عن شكل استقباله .

المقدمة الطويلة دى بمناسبة ان طرأ على ذهن الواحد فكرة ان الناس أحيانا بتحاول تصيغ مواقف مركبة ومعقدة وأحيانا مراوغة من أمور معينة كما لو كانوا اصحاب قرار او كما لو كانوا مرشحين فى انتخابات بيخاطبوا فيها أصوات متنوعة الميول ، مع إن كل الناس دلوقتى فى احسن الأحوال هم إما مثقفين أو ناس بتعبر عن اللى جواها وخلاص بدون ما يبقوا حاملين رسالة ما ، وأحيانا المواقف الممعنة فى التركيب دى بتبقى مربكة للى بيقروها ومش بتساعدهم لأن فى ظنى أن اللى بيقرا دلوقتى فى الأيام دى بيبقى فى حاجة الى تعبير واضح وصريح عن الإنحيازات من أولها خالص لأن التركيب والتعقيد بيفترض أصلا ان الناس اللى بيتم مخاطبتها عندها ثوابت راسخة وده الحقيقة مش موجود أوى الأيام دى .

فلما نتكلم مثلا عن موضوع المساواة فى الأرث بين الرجال والنساء ويبقى المتكلم واحد بيقول على نفسه ” شيوعى ” فى الزمن الأغبر ده ، فأعتقد انه مفيش ما يمنع ان الناس تقول مواقفها بوضوح عشان يسهلوها على نفسهم وعلى اللى بيستقبلوها ، فيتقال مثلا أن الشيوعى ده تصوره الصريح هو إن ميبقاش فيه أرث من بابه وأنه زى ماهو ضد توريث الخطيئة والفقر والمعاناة فهو ضد أيضا توريث الميزات والثروات وده لو كان الكلام تجريدى ، لو الكلام مش تجريدى ممكن يقول إن فيه حاجه اسمها ضريبة التركة ودى بتطبق على الثروات المنقولة بالأرث و إن الضريبة دى المفروض أنها ضريبة عالية حاصلها بيروح للخزانة العامة عشان تتوجه للإنفاق  العام بغرض تحقيق فضيلة تكافؤ الفرص والمساواة ولا سيما فى مجال التعليم والصحة فلا  يتم توريث الجهل ولا الفقر ولا المعاناة ، كلام بسيط جدا أهوه !!

ممكن بقى بعد كده نتكلم على أن المساواة لاتتجزأ وإن مفيش حاجة اسمها مساواة مكفولة فى كل الدساتير عشان نفس الدساتير دى بتستثنى من المساواة طبقات او عناصر او فئات فتبقى مش مساواة ولا حاجة ، فلو الرجل والمرأة متساويين كمبدأ دستورى إحنا مؤمنين بيه يبقوا متساويين فى كل الحقوق والواجبات بما فيها الإرث ، وإننا فى لحظة يجب فيها اعلاء المبادئ البسيطة المجردة توخيا لأكبر قدر من الاستقامة ” الذهنية ” لأن محيلتناش غيرها .. سهلة خالص اهوه .

فالحقيقة إحنا لا وزراء ولا قادة جماهير غفيرة ولا مهندسى علاقات اجتماعية بين قوة طبقية حية تتصارع فى الشارع ،  إحنا ناس على الفيسبوك بتخاطب بضعة الالاف قليلة من الناس حتى لو كانوا 50 أو 60 الف متابع  وواجبنا نحوهم فى الأيام الغبرة دى هو إننا نبقى واضحين ومباشرين وبنفكرهم ونفكر نفسنا بإنحيازتنا الأساسية لان الطرح المستمر للأمور باعتبارها أعقد من أن تطرح بوضوح هو ده اللى بيودى فى الأخر للمصطلحات الفيسبوكية اللى تم صكها اخر كام سنة ، زى الهرى والهبد .

………………………………………………………

** البوست السابق فيما أتذكر كان  يقصد بدون تسمية مباشرة إبراهيم الهضيبى الذى كتب وقتها بوست لا يقر فيه وجوب مساواة المرأة بالرجل فى الإرث وراح يصيغ صياغات ملتبسة حول ” تعقيد المسألة “

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

معظمنا بقاله على الفيسبوك من 8 ل 10 سنين ، مرت علينا فيه مراحل مختلفة ، مراحل كان فيه مجال لتبادل المرح والتواصل مع دائرة الأصدقاء الحقيقيين فى الواقع ومراحل اصبح منصة سياسية لينا نكلم فيها دوائر أوسع ومراحل اخرى بقى منصة سياسية أوسع نتصور من خلالها اننا بنخاطب ” الرأى العام ” بمفهومه المجرد…

أترك تعليق