ناصر67 : كلنا غلطنا وياريت نقول الحقيقة ولو لمدة ثلاثة دقائق

سبب عرضى لهذه القصة بالتفصيل هو أنى أريد أن ابرز موضوعا هاما ، وهو انه اذا كانت جميع هذه التصرفات صدرت عن أقرب الناس لى وأقرب القيادات إلى النظام ، فماذا يحدث من غيره ؟ ما جرى يحتاج فعلا إلى بحث وتفكير عميق ، أنا وعبد الحكيم كنا اكثر الناس ارتباطا ببعض ومع ذلك عبد الحكيم اتصرف تلك التصرفات . ومجموعة شمس بدران من دفعة 1948وغيرهم كانوا بيحضروا نفسهم لاستلام البلد ! نطلع من القصة دى كلها ان النظام المقفول سيؤدى بنا فى النهاية إلى نظام التوريث لذلك علينا الان واجبان :

الأول : أن نبحث عن system جديد لنا

الثانى : هو أن نحدد الأخطاء الرئيسية الموجودة فى البلد فى الوقت الحاضر ونشوف ازاى نصلحها

ما يقال فى البلد هذه الأيام اننا بناكل فى البعض . إن النظام بياكل نفسه . والمستقبل بالطريقة دى حيكون خطير جدا ، لذلك أنا رأيي اننا نعمل فورا على تغيير النظام اللى ماشيين عليه لأن لازم فيه خطأ ، والمعروف إن نظام الحزب الواحد تحدث فيه دائما صراعات فى القمة على السلطة ، ولدينا امثلة واضحة أخرها مثلا ما يحدث فى الصين ، وأنا شايف أنه لم يبق فى عمر معظمنا أكثر من عشر سنوات ، وخاصة بالنسبة لى مع المرض اللى عندى ومع الضغط والجهد الذى أتعرض له ، لذلك أنا شايف ضرورة تغيير نظامنا بحيث لا يسمح النظام الجديد لشخص او شلة غير واعية او جاهلة سياسيا أن تحكم البلد . البلد التى اعطتنا ثقتها بلا حدود . طبعا التغيير الذى اقصده لا يمس اتجاهنا الاشتراكى ، لأننا فى الحقيقة نكاد نكون انتهينا من التطبيق الاشتراكى فى أغلب القطاعات باستثناء قطاع المقاولات وقطاع التجارة وبعد ذلك يبقى عملنا مركز اساسا على خطط التنمية التى نضعها وعلى متابعة تنفيذها .

احنا كلنا غلطنا وياريت – مثل ماجاء فى القصة السوفيتية الشهيرة ان نقول الحقيقة لو لمدة ثلاثة دقائق – تصوروا إحنا اكبر هيئة سياسية فى البلد وكان عددنا سبعة فقط ولم نتكلم ولم نقل الحقائق فى وقتها بينما كان رئيس لجنة تصفية الاقطاع هو عبد الحكيم جالس معنا على هذا المقعد ، هذا يعنى ان النظام تدهور وتدرج فى السقوط إلى حد اننا شعرنا بالخوف من ان نتكلم وخفنا نقول الحقيقة . من جانبى انا اعترف وبنقد صريح انى اخطأت عندما تركت الأشراف على الجيش منذ عام 1962 بحيث لم اعد على علم بما يحدث ، وكان قصدى ان اطمئن عبد الحكيم منى شخصيا ، ولكن اعتبر هذا خطأ منى .

وفى رأيي ان النظام الحالى استنفذ كل مداه ولابد من نظام جديد وانا شخصيا عندى اقتراحات محددة لهذا الموضوع :

أولا – اننا شخصيا كأعلى سلطة سياسية ، نتحرر من الخوف وبعد ذلك نحرر البلد كلها من الخوف

ثانيا – إذا كنا عايزين فعلا توفير الأمن والسلام زى ما قلتم فلازم نسمح بوجود معارضة فى البلد. فطبعا لا اتصور فى تكوين هذه المعارضة اننا نقول ان زكريا محى الدين يمثل اتجاها معينا وامامه على صبرى يمثل إتجاها اخر . وبذلك يصبح هناك حكم ومعارضة . لو نعمل كده يبقى بنعمل مسرحية المعارضة . المعارضة الحقيقة هى إننا نجيب الذين يعارضونا فعلا فى الوقت الحاضر ، مثل البغدادى وكمال حسين وكلاهما اصلا منا وسبق أن واقفا على الميثاق ، ونسمح لهما بتكوين حزب معارض وجريدة تعبر عن رأى الحزب . من جانبنا نعيد تنظيم صفوفنا ونعمل حزب الإتحاد الاشتراكى ، ثم ننهى الدورة البرلمانية الحالية ونجرى إنتخابات جديدة فى شهر ديسمبر هذا العام على أساس قائمتين للحزبين . واللى يكسب الانتخابات يستلم الحكم والتانى يشكل المعارضة . على ان يبقى الجيش كجهاز محترف وكذلك البوليس .

انا شايف اننا لو نفذنا هذا الاقتراح سنشفى من كل الامراض الموجودة بيننا فى الوقت الحاضر ، وسيتحرر كل واحد فينا من الخوف الذى سرى بيننا ، من أكبر هيئة لأصغر هيئة ، أنا ضد نظام الحزب الواحد لأن الحزب الواحد يؤدى غالبا الى قيام ديكاتورية مجموعة معينة من الأفراد .

أخر كلامى فى هذا الموضوع أننا إن لم نغير نظامنا الحالى سنمشى فى طريق مجهول ولن نعلم من سيستلم البلد بعدنا . والذى أوصلنا إلى اننا نستحى أن نقول الحقيقة أو أن نقبل النقد ، سيؤدى بنا إلى مستقبل مظلم .

________________________________________________

مقطع من محضر اجتماع اللجنة التنفيذية العليا للأتحاد الأشتراكى فى 3 اغسطس 1967 .. بحضور جمال عبد الناصر رئيس اللجنة ورئيس الجمهورية وعضوية كل من ( زكريا محيي الدين – على صبرى – انور السادات – حسين الشافعى ) وصدقى سليمان بصفته رئيسا للوزراء .

وما سبق نشر فى كتاب ( محاضر اجتماعات عبد الناصر العربية و الدولية 1967 – 1970 ) وقام بإعداده عبد المجيد فريد امين عام رئاسة الجمهورية فى الفترة بين 1959 – 1970.

نشر الكتاب فى طبعته الأولى عام 1978 من دار نشر ” مؤسسة الأبحاث العربية ” فى بيروت

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

سبب عرضى لهذه القصة بالتفصيل هو أنى أريد أن ابرز موضوعا هاما ، وهو انه اذا كانت جميع هذه التصرفات صدرت عن أقرب الناس لى وأقرب القيادات إلى النظام ، فماذا يحدث من غيره ؟ ما جرى يحتاج فعلا إلى بحث وتفكير عميق ، أنا وعبد الحكيم كنا اكثر الناس ارتباطا ببعض ومع ذلك عبد…

2 Comments

  1. مش جايز عبد المجيد فريد ده بيجود و ناصر ماقالش كده

    1. أعتقد صعب .. دى محاضر اجتماعات فعلا بتاعة رياسة الجمهورية .. ثانيا هو ناصرى التوجه وكمل كده لحد ما مات .. ثالثا توقيت النشر مكنتش مسألة الديمقراطية أولوية ملحة مطروحة زى ما كانت بعد كده .. ومسألة توقيت النشر دى مهمة جدا فى ظنى

أترك تعليق