الكورة ليست للجماهير

من وحى نقاشات جادة مع بسام مرتضى ومحمد نبوى قررت أكتب بوست جاد طويل فى الكورة  ، بوجهه للناس اللى بتحب الكورة فعلا وبتفهم فيها فعلا ومهتمة بيها وبمستقبلها كرياضة مش مجرد بتستخدمها كحوض يقعدوا يرجعوا فيه إحباطاتهم وقرفهم وغضبهم من حاجات اخرى ، او بيستخدموه كساحة للتعبير البربرى المبرر ليهم عن مشاعر سلبية تحت اسم أن دى كورة بقى ومعلش ومن حقنا نبقى متعصبين فى نفسينا ، أنا ضد ده لأنه بيقلل من شأن الكورة قبل ما يبقى بيقلل من شأن صاحب هذا الكلام كإنسان .

فيه صيغة جديدة اتعملت للكورة فى مصر بعد عودتها فى أعقاب توقفها لكذا سنة بعد هزيمة 1967 ، الصيغة دى كانت قايمة على الاستثمار فيها كمنحة تسلية وترفيه بتهديها الدولة لجماهير الشعب وترعاها كواحدة من المتع الرخيصة  القليلة المكفولة للمصريين ، بمعنى انها متعة شبه مجانية ، الإنسان مننا بيروح يتفرج على أحسن لعيبة فى افريقيا فى إستاد القاهرة وهو دافع أتنين تلاته جنيه بالكتير ، أنت بتتفرج فى التلفزيون وتتابع فى الجرايد حاجه مهمتها تسليك وأنت مش غرمان أو متكلف أى حاجة .

كفالة الدولة لرخص ومجانية الكورة للجمهور كان ليه أبعاد سياسية واجتماعية وممكن نعتبرها جزء من رعاية الدولة اليوليوية لمحدودى الدخل ومنحة ليهم فى أعقاب حرب أكتوبر وسياسات الانفتاح لاحقا ، خاصة مع تطور تكنولوجيا البث التلفزيونى اللى خلت المشاهدة أجمل ، فالدولة كانت فعليا بتصرف على النشاط الكروى أو بتسمح لناس تصرف عليه عشان تستفيد من جماهيريته فده يترد ليهم صحة وعافية فى البيزنس بتاعهم ، لأن انت لما تبقى رجل أعمال مهم بيصرف على الاأهلى أو الزمالك بحب وإنتماء وسخاء فده حيترد لك من الظابط اللى فى المينا والظابط اللى فى الجمارك وموظفين الشهر العقارى وقادة الجيش والشرطة والقضاء لأن دول برضه بشر وأهلاوية وزملكاوية ومتعصبين ومن الجسم الحى لشعبنا النبيل العظيم برضه .، وعلى مستويات جهورية كان فيه كمان ظاهرة إن الدولة تسمح لناس تصرف على الأندية الاقليمية فيعملوا اسامى وأمجاد جماهيرية وبينزساوية على المستوى الجهوى بتاعهم برضه وده حصل مع الإسماعيلى والإتحاد والمصرى وغيرهم وترتب عليه ناس دخلت البرلمان وناس شغلها كبر .

الوضع ده أتغير شوية مع الإحتراف فى بداية التسعينيات لصالح شوية تظبيطات إدارية داخلية فى النوادى وهنا بان تفوق الاهلى بفارق واضح عن الباقيين ، بس فى الأخر ده مكنش تغيير فى جوهر علاقة الدولة بالكورة بالمجتمع  وهى  إنها متعة رخيصة تمنح للجماهير من أجل إسعادها  و بأولوية الجماهيرية وحجمها  طبعا ، الاهلاوية ثم الزملكاوية ثم الاقاليم لو حدث ، ومن تحت الصيغة دى انتعشت الكورة فى مصر جدا وكان احيانا بيبقى حصاد ده مع المنتخب حصاد ناجح ولطيف وممتع وكان بيفرح الناس زيادة .

الصيغة ادى إنتهت  تماما مع ثورة يناير وتورط روابط تشجيع الكورة فى العمل السياسى الحركى ولو لفترات قصيرة جدا ، وأعلن وفاتها رسميا مع أحداث ومجازر بورسعيد 2012 اللى أثبتت لدى الدولة عدم اهلية الجمهور وعدم استحقاقه للمتعة دى وتشكيله خطورة على نفسه وعلى غيره وعلى الأمن العام الى جانب ثأر الدولة نفسها من فكرة الجمهور الكروى اللى أصبح له رأى فى السياسة .

فخلاص منحة الدولة للشعب فى الكورة خلصت ودخلنا على صيغة جديدة مفيهاش جمهور ، و لازم جمهور الاهلى والزمالك يتعامل مع الحقيقة دى ويفهم أنه بيتهمش أو فى أفضل الاحوال بيتعامل كجمهور إنترنت بيتحدف ليه فول سودانى عشان الترافيك يزيد ، لأنه وقت الجد ولما مصر نظمت كاس الأمم الافريقية سنة 2019 كانت حركة الجمهور وحضوره محكومين جدا ومتسيطر عليها جدا ومغلولة جدا ، شرطا إن ده كان فى مباريات محايدة بين فرق غير مصرية !!

فهو فيه واقع جديد دلوقتى محتاج يتدرس ، هل الكورة بقت مغسلة اموال قذرة ؟  هل الكورة بقت غطاء لنشاطات اخرى ؟ الله اعلم .

لكن المؤكد إن على جماهير الكورة إنها تفوق من أوهامها القديمة ، لأن استمرارحالتهم كده بيحولهم إلى كتل من التعصب الاليكترونى المجنون اللى ممكن يترجم نفسه فى أرض الواقع  فى لحظات معينة غير متوقعة إلى أحداث مؤلمة ومؤسفة جدا تزعلنا كلنا تانى .

طبعا الكلام موجه الى جمهور الكورة بتوزان نسبة ثقله وأهميته وبالتالى للأهلاوية ثم الزملكاوية ثم للباقيين ،  بس بشكل شخصى يعنى انا حاسس أن الجو ده ممكن يقلب بمصايب ، ولازم يتفهم أيه هى الكورة دلوقتى لأن تضليل الجماهير ممكن يقلب بغم حقيقى  ، ولازم تتفك عقدة علاقة الدولة بالكورة بالجمهور لآن  استمرار كده مينفعش ومش صح .

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

من وحى نقاشات جادة مع بسام مرتضى ومحمد نبوى قررت أكتب بوست جاد طويل فى الكورة  ، بوجهه للناس اللى بتحب الكورة فعلا وبتفهم فيها فعلا ومهتمة بيها وبمستقبلها كرياضة مش مجرد بتستخدمها كحوض يقعدوا يرجعوا فيه إحباطاتهم وقرفهم وغضبهم من حاجات اخرى ، او بيستخدموه كساحة للتعبير البربرى المبرر ليهم عن مشاعر سلبية تحت…

أترك تعليق