فيلم الممر – سينما الفاشية العسكرية

لقد إنهار الإعلام ووسائطه وتم التحكم فيه تماما وأصبح مفيش وسيلة يتفهم من خلالها اللى بيحكمونا بيفكروا ازاى إلا من خلال أادوات قليلة جدا ،وعشان كده انا رحت أتفرج على فيلم الممر.

أولا مفيش حاجة أسمها شريف عرفه ، فيه الظابط اللى كتب الفيلم وليكن أسمه حظابط محمد ، حظابط محمد كتب الفيلم وشريف عرفه حط عليه أسمه وتتشات من عنده واحيانا مزايدات يثبت بيها لحظابط محمد وطنيته ، مشاهد كتير بتبقى شايفها مكتوبة من حظابط محمد بس ومشاهد تانية بيبقى فيها تتش المخرج المساعد شريف عرفة .

الرسالة الأساسية للفيلم ليس تمجيد ألقوات المسلحة ولا إظهار بطولاتها خلال حرب الاستنزاف ، الرسالة الأساسية للفيلم هو أن مصر فى حالة حرب مستمرة وأن العسكريين بس هم اللى فاهمينها وأى مدنى يا جبان يا شغال قواد للرقاصات يا عايز يتوب عبر إنه يلتحق بالعسكريين يا سافل وقليل الأدب يستاهل الضرب المبرح من ظابط الجيش ، كل المدنيين فى الفيلم طالعين كده بلا استثناء ، ماعدا طبعا زوجات الظباط ، والرسالة الأشمل هى أن اى حد غير الجيش والشرطة مش حيفهم اوجاع البلد ولا مشاكلها والمطلوب منكم هو الصبر والصمت والوداعة والدعم والأدب .

الرسالة الواضحة دى تجسدت فى عدد من المشاهد أكثرها فجاجة هو ان ظابط الجيش العائد مكتئب ومهزوز من هزيمة 1967 راح سنترال يخلص فيه مصلحة فالموظفين عاملوه وحش وأتريقوا عليه وقالوله معلش الخطوط منسحبة فهو دور الضرب فى كل السنترال موظفين ومواطنين وشيوخ ازاهرة ونساء وفلاحين – كله بلا استثناء – ضرب مبرح مجنون – ولما جاء ظابط شرطة يعاين الواقعة اتكلم معاه وقاله معلش هم المصريين كده ساعة الكوارث بيهرجوا ولازم تستحملهم لأنهم مستحملين كتير وبعدين ظابط الشرطة خرج هدد المواطنين بالسجن فى حالة استكمال شكوتهم ضد ظابط الجيش لدى الشرطة العسكرية .

الشخص المدنى الرئيسى فى الفيلم هو صحفى فنى كان بيشتغل لصالح أتنين رقاصات عشان يلمعهم فهو فى لحظة حس أنه إنسان بلا شرف فقرر انه يبقى مراسل عسكرى ، وطبعا الشخص ده تخين وجبان وغير مقدام وخدنا تلت تربع الفيلم عشان ينتقل من مرحلة إنه نص رجل الى مرحلة إنه تطور إلى تلت تربع رجل .

اللافت فى الفيلم دون أن يعى أن كل الظباط المصريين الرتب بشرتهم بيضاء وعيونهم ملونة ، سواء جيش أو شرطة ، مشهد أحمد عز وشريف منير كظابطى شرطة وجيش وكلامهم على الشعب المصرى ، يشعرك تماما أن هؤلاء ممثلين لفئة مستوطنة محتلة بتتكلم عن أغيار أو فلاحين ، فعلا مش صدفة أحمد عز وأحمد صلاح حسنى وشريف منير وحتى ظباط القيادة ، كلهم ملامحهم أوروبية الا قليلا .

طبعا كل افلام الحروب زمان كانت بتشير أن الجيش قوامه الاساسى هم قوات الإحتياط ، الفلاحين والطلبة والصنايعية وهكذا ، فى الفيلم ده الجيش هو فئة محترفة ، مفيش اشارة إن ده جيش المواطنين المجندين المدربين ، وعشان كده كان واضح جدا فرق الكلام عن المدنيين والعسكريين ، مع أن اللى حاربوا كانوا فى الأساس مدنيين متعلمين مجندين ، عساكر وظباط ، قعدوا فى الجيش بالعشرة والحداشر سنة ، فليه كده يا حظابط محمد ؟

إنقلب السحر على الساحر من فرط الأفورة طبعا ، حظابط محمد وتابعه شريف عرفة قرروا يعملوا فيلم حربى خيالى ، مع أن مصر مليانه قصص بطولات حقيقية ومشرفة سواء فى الاستنزاف او 73 ، بس هم أفوروا فى النخع لدرجة قللت بل وأساءت لتضحيات الجيش المصرى الحقيقية ، لدرجة تخلى أى ظابط بيتفرج على الفيلم يتضايق ، ليه نعمل قصص خيالية مبالغ فيها جدا واحنا عندنا قصص حقيقية غير لو أنت عايز تزيف التاريخ والحاضر والمستقبل ومش عايز يبقى فيه حقيقة من أى نوع اصلا .

طبعا بطل الفيلم شادد وشه وحاقن بوتوكس – مش مشكلة خالص –  بس المشكلة انه كل ما يقول كلمة كويسة يعمل عكسها ، يعنى هو قال لعساكره ان زمن العنتريات انتهى بعد الهزيمة ولازم بعد كده نبقى باردين وعقلانيين عشان ننفذ مهماتنا بنجاح ، وطبعا كل شيئ بعد كده اتعمل فى الفيلم كان عكس ده لدرجة أن فيه  قوات مصرية أسروا دبابات إسرائيلية ورجعوا بيها سايقينها فى لحظات إرتجالية خالصة ، كما لو كان الفرق بين الدبابة الروسى والامريكى هو الفرق بين عربية مانيوال وعربية أوتوماتيك ، إهانة للتدريب وللعسكريين و للجهد وللجدية ولكل شيئ أدى الى النجاح والتفوق النسبى فى حرب 73 ، فليه كده يا حظابط محمد .

كمية معلومات تاريخية غلط بالعبيط ، تخلينى أبقى مش عارف هل حظابط محمد ظابط فعلا ولا لا ، لآن الأسرى المصريين مكانوش فى معسكرات فى سينا ، الصهاينة قتلوا العساكر وسابوا بعضهم ونقوا الظباط وبعض العساكر إلى عتليت داخل إسرائيل ، ليه يا حظابط مقرتش رائعة البطل محمد فؤاد حجازى الأسرى يقيمون المتاريس أو خطوات على الأرض المحبوسة لمحمد حسين يونس ، طب قريت أيه ياحظابط ؟

الفيلم ده فيلم غير جاد بخصوص حرب الاستنزاف ، الفيلم غرضه النهائى ومشهد تكثيفه هو لقطة ضرب العسكريين للمدنيين بعد كده مشاهد حربية غرضها الإثارة بنفس عقلية فيلم أولاد العم او تيتو او الأفلام بتاعة احمد السقا ، صناع الفيلم كان عندهم رسالة تربوية للمدنيين مفادها الأهانة ليكم تربية ولصالحكم ، فإذا بيهم بيهينوا المدنيين والعسكريين والجيش المصرى وأبطاله وتاريخهم ، لأن الجيش المصرى يا حظابط محمد كان وسيظل قوامه المحارب من المدنيين .

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

لقد إنهار الإعلام ووسائطه وتم التحكم فيه تماما وأصبح مفيش وسيلة يتفهم من خلالها اللى بيحكمونا بيفكروا ازاى إلا من خلال أادوات قليلة جدا ،وعشان كده انا رحت أتفرج على فيلم الممر. أولا مفيش حاجة أسمها شريف عرفه ، فيه الظابط اللى كتب الفيلم وليكن أسمه حظابط محمد ، حظابط محمد كتب الفيلم وشريف عرفه…

أترك تعليق