خير الأيام الجُمعة وخير الجُمع 28 يناير

 النهاردة 28 يناير، يوم الثورة ، أذكر إن محمد عبد السلام الخبير الامنى بتاع الاهرام  كان أول واحد شاف فى 25 يناير ثورة وقال يومها بالليل دى حركة شباب غير مسبوقة فى مصرعلى غرار حركات الطلبة فى فرنسا الستينيات ، الدولة بمعنى من المعانى اشترت الكلام ده سواء من عبد السلام او غيره وتم صناعة مفهوم ثورة الشباب وشباب 25 الطاهر غير المسيس المنزه عن الاجندات الا حب مصر ، والحقيقة انا بتذكر يوم 25 يناير فى التحرير وبتذكر انه كان يوم سياسى بإمتياز وتقريبا محدش فى مصر منزلش واتذكر انى شفت رامى لكح داخل على الميدان ماسك علم صغير لمصر وبيتنطط فقلت للشخص اللى كان جنبى ” كده مفاضلش الا علاء وجمال مبارك ينضموا لينا وتبقى امسية رائعة ” ،  السؤال هم ليه حبوا 25 يناير او حولوها هى لليوم المركزى عشان يلفظوه ويتنكروا ليه بعد كده ؟

إجابتى هى ان 28 يناير كانت يوم للشعب مش للنخبة فقط ، يوم الجماهير الغفيرة و الفقيرة والواسعة  ، يوم متقدرش انتلجنسيا الطبقة الوسطى تحتكر قصته وتبلطج على ذكراه ، يوم الدولة تفتكره كويس جدا وبالرغم من كل محاولتها انها تنساه.، يوم للإشتباك والإصرار على الصدام والإستعداد للتضحية والفداء مش مجرد يوم للإحتجاج والمطالبة بإشياء ، 28 يوم حربى وقتالى مش يوم سلمى والملايين اللى نزلت كانت مستعدة للقتال حتى النصر وانتصرت والأثمان اللى اتدفعت كانت كبيرة ومش حننساها .

مش حننسى اللى ماتوا فوق كوبرى قصر النيل مرة واتنين وتلاته واللى اصطدموا فى الجلاء واللى أكلوا حديد أسوار شارع الازهر بسنانهم واللى كحتوا شارع رمسيس كحت ومش حننسى اللى أتحصدوا حصد بالعشرات فى ميدان المطرية ولا العشرات اللى اتغربلوا فى شارع احمد زكى قرب المعادى عشان الباشاوات كانوا بيأمنوا حلفائهم الامريكان والاسرائيليين اللى ساكنين هناك ، مش حنسى أن أول واحد قالى ان اللى بيحصل فى مصر ده اسمه ثورة شعبية كان عيل مبرشم واقف على طلعة منشية ناصر ، مش حتكلم على بطولات محافظات ومناطق تانيه لأنى شخصيا مكتنش شاهد ولا موجود هناك ، لكن كم البطولات والتضحيات اللى أتبذلت فى اليوم ده كبير اوى اوى اوى  واللى ماتوا مهماش السبعماية وحاجه اللى أدعت وزارة الصحة حصرهم ، اللى ماتوا كانوا اكتر من كده بكتير جدا جدا لأن مصر كلها كانت قايمة وبتتخانق واظن الناس دلوقتى بقت فاهمة ده بيبقى معناه ايه .

الطبقة الوسطى والافندية والمثقفين نزلوا بالنهار وضحوا تضحيات جسام وفجروا نفسهم فى الدولة الظلومة الغبية ، و بصراحة خانوا توقعاتى وعلموا عليا ولكنها كانت خيانة وتعليمة تسعدنى وتطلع بيا للسما ، أنتفضت الجماهير بقيادة الانتلجنسيا بالنهار ، لكن ع المغربية والليل كان دور سكان المناطق ، سكان المناطق حرقوا الاقسام اللى كانوا بيتعذبوا فيها ، الاقسام معرفتش تحمى نفسها لا بظباطاها ولا بالبلطجية اللى جابوهم يحموها يومها ، فى بعض الاقسام البلطجية قلبوا ع الشرطة وشاركوا الشعب الانتقام ، فى حتت تانيه البلطجية حموا الاقسام مع ظباطهم ، فى حتت تالته الناس محرقتش القسم اللى تبعها لان ملهاش تار معاه لانه قسم مبيعذبش ومبيفتريش، لكن الاقسام اللى اتحرقت حرقها الناس والناس هم اهالى المنطقة ، والناس اتقتلت قصادها وهم بيحاولوا يقتحموها لان ده كان تارهم والتار ده كان حيتاخد حيتاخد ، قسم المقطم مكنش لسه فاتح بقاله 6 شهور بس اتحرق هو كمان لانه كان بادئ مسيرته بالأذى و البلطجة وإرهاب العوام ، حرق القسم ده ابتدى بأن ست كبيرة وقفت قصاد باب القسم تصرخ وتدعى عليهم وتسأل على عيالها اللى جوه فالناس فى غضب بتتلم فالقسم بيضرب نار عليهم ففى ظرف ساعة زمن كان القسم هربان والشعب راكب فوقيه ، الانتقام جه من سكان المناطق اللى الأذى والتعذيب وكسر النفس كفرهم فى عيشتهم ، ومهما ادعى الاعلام زور على هوية اللى حرقوا الاقسام حتفضل صور الشهداء فى مداخل حارات وأزقة وعطوف القاهرة شاهد فى وشهم بيطارد كذبهم ، لسه الصور موجودة ولسه الصور متعلقة ، واسامى الحوارى اتغيرت بإسم الشباب اللى ماتوا فى 28 يناير ، لسه الصورة موجودة مراحتش ومش حتتشال .

28 يناير هو اليوم اللى هم بيحاولوا ينسوه فعلا لأن تذكره لا يترتب عليه الا إصابتهم بالرعب والهذيان ، وترديد كلام من نوع حماس وحزب الله حرقوا الأقسام وفتحوا السجون ، هم فعلا بيحاولوا ينسوه مع انهم مش فاكرين غيره ، الجيش ميعرفش الا 28 يناير ومش بيسعر ويتمن الا 28 يناير ، أذكر ان اللواء محمد العصار كان له فيديو مسجل فى أحد مراكز البحث الامريكية أواخر 2011 وكان بيتكلم بأريحية وبإنجليزية ممتازة وبيقول لما الشعب خرج يوم الجمعة 28 ، قالها فى سياقات مختلفة فوق الأربع مرات ، بس برضه هم بيحاولوا ينسوه ، لأنه يوم الشعب ويوم الشهداء ويوم التضحية ويوم الإصرار على النصر .

وهو برضه يوم خيانة الداخلية اللى قتلت الناس فى الشوارع وعند أقسام الشرطة وبعدين راحت فص ملح وداب ومنها اللى راح فتح السجون عشان يعاقب الشعب على إنتفاضته ، ليا واحد صاحبى بقى مؤيد دلوقتى للسيسى كلمنى يوم 31 يناير بيقولى حبيب العادلى لازم يتشنق بتهمة الخيانة العظمى لأنه قتل الناس أولا وأخل بواجبه ثانيا وأنسحب وأنتقم ثالثا بفتح السجون ، صاحبى ده ساعتها بالرغم من ضغط اللحظة وغرابتها كان لسه محافظ على تماسك دماغه لأنه كان فاهم أن مفيش تنظيم يملك الإمكانية الفنية والمعرفية و يقدر يفتح سجون كتير بطول مصر وعرضها فى لحظة واحده الا تنظيم واحد اسمه الداخلية ، صاحبى ده دلوقتى راح فى الوبا وبقى مستعد يصدق اختراع الوحش المصرى والمخترع الصغيروكان ميال لتصديق  جهاز اللواء إبراهيم عبد العاطى كفته لأن الجيش هو الراعى الرسمى للفكرة ، حالة صاحبى ده دلوقتى هى فى الحقيقة معنى هزيمة الثورة ، منهم لله الإخوان المسلمين ..منهم لله .

** فى 28 يناير 2016

*******************

كنت على يقين أن ما حدث سيحدث

بدون ذكر أسماء نظرا لتفرق السبل كنت على موعد مع عدد من الأصدقاء فى نهاية ليلة 28 يناير بعد يوم طويل ، وبدون مقدمات طويلة قلت بشيئ من الثقة أن الأمر سيحسم غدا .

ثقتى تلك كانت حدسية ، فأنا لا أتحدث عن شيئ سبق وأن عرفته أو اختبرته من قبل ، لا خبرة ولا ذاكرة ، كان محض إحساس ، مجرد شواهد من يومي 26 و27 جعلونى أشعر بأن الحسم سيكون يوم الجمعة ، شاهدت فى أيام 26 و27 شبابا يقبض عليهم من الشارع وهم فى ثقة شجاعة أكثر من مختطفيهم ، نظرت فى عين ظابط شرطة فى الشارع فقال فى خوف انا مليش دعوة دول أمن دولة وانا شرطة سياحة ، معلومة قطع الأتصالات حين وصلتنى زادت من قوة أحساسى .

ولكن مع صبيحة اليوم زاد الأحساس أكثر ، حينما وجدت نفسى أصطحب فى أخوة شديدة شخصا لا أعرفه جيدا الى ميدان مصطفى محمود ، وعندما وجدت نساءا تصلى صفا واحدا مع الرجال ، وعندما وجدت نفسى اقول لمخبر بلا اكتراث أمشى انت دلوقتى عشان الموج عالى ، وعندما سمعت رجلا يهتف الشعب يريد اسقاط النظام قبل حتى أن ينهى صلاته ، وعندما وجدت ممثلين ونجوم سينما يتقدمون التظاهرة فى شجاعة وصدق نادر ، وعندنا شاهدت صحفى انتهازى يجرى نحو المظاهرة من شارع جانبى كطفل فرح بلقاء ابيه لأول مره وحينما وجدت نفسى امزق قميصى الجديد الغالى الى 6 قطع كى أحوله لكمامات لى وللأخرين .

وفى وسط معارك ميدان الجلاء تلقيت رصاصة مطاطية وفهمت ان اجسادنا ابسط من تصوراتنا عنها ، وسط الدخان والغاز شاهدت اخى مترنحا ثم اختفى ، ثم شاهدته مرة أخرى وقلت له لا تخف ستستعيد انفاسك ، قبلها فكرت فى القفز من سور الأوبرا هربا من الاختناق ولكننى تراجعت وحينما ضربنى عدد من العساكر بعصيهم أدركت أن الأمر سهلا لأن ضربهم لم يكن بالجدية التى كنت أتخيلها ، شاهدت أحد اقربائى وقد ولد فى نفس يوم مولدى ، كنت حتى لحظتها لا أراه إلا طفلا صغيرا ، شاهدته وهو يحمل انسان فى نفس وزنه لإسعافه ، شاهدت خصما سياسيا لى وهو يقف بشجاعه أمام مدرعة كان من الممكن ان تدهسه وسط دخان وغبار بعيدا عن أى كاميرا او مجد .

شاهدت الموت عدة مرات و أقترب منى فتحررت منه .. ويكفى هذا .

** فى 28 يناير 2017

*******************

يقترب فجر 28 يناير ، فكل عام وذكرى 28 يناير العطرة فى الذاكرة ، ذكرى ثورتنا نحن ، يوم مجدنا وفخر تاريخنا ، يوم إنتفاضة الشعب المصرى واسقاطه للسلطة فى اقل من 6 ساعات بالمواجهة والقتال ، يوم الالاف الشهداء المعلومين و المجهولين فى غالبية مدن مصر ، يوم اكتشفنا فى ذواتنا القدرة على الفعل والحسم بل و الاستعداد للتضحية بالحياة نفسها ، نحن من تربينا فى واقع لا يفرز الا صحارى الأنانية ، يوم أن حرقنا تاريخنا المعلوم لنسبح فى محيط مستقبل مؤلم مجهول ، ذكرى تفويض انفسنا وسقوطنا فى كبد امتلاك المصير وإختبارات المسؤولية لنجد انفسنا امام غابة من الأسئلة والإختيارت الصعبة التى تنوء بها الظهور والعقول والأنفس ، حيث لا ترف فى الإستنكاف و لامجال للتسويف ولا راحة للإنتهازيين ولا عزاء للأغبياء ، افرادا وجماعات .

ولكن فلنتذكر أيضا كوابيس المذعورين الطبقيين قبل 28 يناير عن لحظة مثل 28 يناير ، قالوا سيحرق الدهماء المتعصبين الكنائس ولم تحرق الكنائس ، قالوا سيهجم سكان الأحياء الفقيرة فى جماعات ليفترسوا الأحياء الأغنى وفى الواقع حمت الأحياء الفقيرة الأحياء الأغنى واعتذر خالد يوسف لاحقا عن رؤيته الديستوبية التى قدمها فى أفلامه الرديئة ، الحقيقة لم يكن منبت ذعر المذعورين الطبقيين هو الخوف من تصرفات وسلوك العامة المترتبة على اجتياحهم للشوارع بل كان الذعر محركه الأصيل هو نزول العامة فى حد ذاته حتى لو ترتب عليه إقامة دولة العدل والقانون والتقدم ،  لقد كان العداء من موقع الباطل الصرف ، عداءا أصيلا للحرية ب الف لام التعريف ، لأن العامة كانوا أكثر نبلا وتحضرا وأدمية ورغبة فى الحياة من هؤلاء الذين لا يزالوا حتى الان مذعورين من شيء لم ولن يحدث ،  مازالوا إلى الآن يحذرون من ثورة جياع لم ولن تقم من أجل تبرير أبدى لجوع الجائعين ، حقارة تليق بأن يكون مصيرك هو عبد الفتاح السيسي حتى ولو كنت سامى عنان واحمد شفيق .

** فى 28 يناير 2017   

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

 النهاردة 28 يناير، يوم الثورة ، أذكر إن محمد عبد السلام الخبير الامنى بتاع الاهرام  كان أول واحد شاف فى 25 يناير ثورة وقال يومها بالليل دى حركة شباب غير مسبوقة فى مصرعلى غرار حركات الطلبة فى فرنسا الستينيات ، الدولة بمعنى من المعانى اشترت الكلام ده سواء من عبد السلام او غيره وتم صناعة…

أترك تعليق