كيف رصف الإخوان المسلمون طريق 30 يونيو

فى سياق جدالات متقطعه مع بلال علاء وعمرو عزت حول 30 يونيو والموقف الديمقراطى ” الصحيح ” و ” السليم ” ، لدى اشتباك يبدأ من ضرورة تعيين ماهية المتكلم ، لأن معسكر القوة الثورية الديمقراطية العلمانية فى انفراط منذ 2012 ، والمكون الناصرى داخل قوى يناير بدأ نفوذه يزداد بزيادة مستوى تصلب الإخوان واتضاح معالم فاشية حركتهم ، و طغيان المكون الناصرى على قوى يناير كان مؤشرا فى حد ذاته على مألنا نحن للهزيمة ، لأن يناير وببساطة هى فى التحليل الأخير جدا ثورة على دولة يوليو اى ثورة على الناصرية وبالتالى حين تأتى اللحظة لنجد حركة الشارع ترفع بوسترات لعبد الناصر والسادات ” معا ” فهذه هزيمة لنا ، وحين يكون شعار بداية 2013 هو ” لو كان عبد الناصر عايش كان لبسكوا طرح و غوايش ” فهذه هزيمة لنا و للتقدم وللتحرر وللمساواة ولكل شيئ .

و من الخطأ أن نعتبر نتائج ومألات حركة التاريخ وتفاعلاته حكما على الماضى الذى فجره ، الحديث عن 30 يونيو كمؤامرة هو رخصة لمن يتهم يناير بإنها محض مؤامرة ، وإعتبار كل هزيمة هى نتاج مؤامرة ” بالطبع خبيثة وشريرة ” هو كلام للفاشيست و تعيين لحظة 30 يونيو كلحظة هزيمة للثورة بألأف لام التعريف هى مقولة إخوانية بعمق وامتياز .

أنا شخصيا خارج نطاق الخدمة سياسيا من بعد إقرار دستور 2012 مباشرة ، وقتها كنت اجلس مع الصديق والزميل احمد شكر فى مجلس كئيب ووصلنا إلى نتيجة مؤداها أننا فى أزمة كبيرة لأن قوى الثورة لم يعد لديها حلول تقدمها لتتجاوز الأزمة ولا هامش للمناورات التى تخدم مصلحتها هى لا مصلحة الأخرين .

فى فوضى يناير 2013 الشعبية التى لا أتذكر من مردودها الا إغتصاب عشرات الفتيات فى محيط ميدان التحرير ، لم أكن أرى فى المشهد الا مقدمة حتمية لسيطرة الجيش بالكامل على الحكم وأن المسألة مسألة وقت ، أتذكر أن هناك صحفى من جريدة المصريون الإسلامية كان يواظب على الإتصال بى اسبوعيا لمعرفة رأيي فيما يجرى بحكم انخراطى النشيط فى قصة اعداد الدستور وأذكر انى فى فبراير 2013 واجهت تليفوناته المتكررة برد حاسم من نوع أكتب ما سأقوله لك حرفيا او لا تتصل مرة اخرى فأكد لى انه سيفعل فقلت له ” فيه شوية ولاد وسخة اسمهم الأخوان حيضيعوا البلد بللى فيها عن قريب جدا وربنا ينتقم من خيرت الشاطر ” ، وكانت هذه هى طريقتى فى طلب عدم التواصل ، وكان ذلك مؤشرا ذاتيا على الضجر والإنسحاب وإنتظار المحتوم .

ولكن لأننى كائن سياسى فأنا لأ افقد ابدا الأمل ، لذا سددت أنفى وأعتبرت ان ما كان مطروحا لحظتها من تسوية مرحلية أمر يمكن قبوله و البناء عليه والتسوية المطروحة كانت تشكيل حكومة محايدة تشرف على انتخابات برلمانية وتغيير النائب العام ، كانت هذه مباردة الأوروبيين والأمريكان والجيش وراشد الغنوشى على حد سواء ، وكان رد خيرت الشاطر هو ” لا شيئ  و لا حلول وسط ” فلنعض اطراف بعضنا البعض وسأخرج منتصرا ، كان هذا رده لعمرو موسى مرتين وللأوربيين مرتين .

لقد كان عداء الإخوان لشركائهم فى المجال السياسى أاشد ضرواة بمراحل من عدائهم للدولة القديمة ومؤسساتها فبعد انتخابات الرئاسة مباشرة كان جل الهجوم الإخوانى على حمدين صباحى الفائز ب 22% وعلى البرادعى كمنافسين محتملين وكان خطابهم الأساسى هو وسم هؤلاء بالفلول وهو ما تجسد تجسيدا فى أحداث الإتحادية التى لم يروا فيها الا تجمعا للأقباط و الفلول ، و هذه الحسابات لم تراجع حتى النهاية ففى مايو 2013 بينما تلوح نذر الريح العاتية كان رفض الإخوان المبدئى للحكومة المحايدة التى تشرف على الإنتخابات منبته ان الإسم المطروح لرئاستها هو محمد البرادعى و فى المقابل و تكرما منهم عرضوا كحل وسط اسم ” عبد الفتاح السيسى ” كرئيسا للوزراء والكلام هذا ليس نقلا عن شخصى المتواضع بل جاء على لسان كل من احمد فهمى رئيس مجلس الشورى الإخوانى وأكده لاحقا عمرو دراج القيادى الإخوانى الموجود حاليا فى الخارج ، ربما كانوا يتذاكون وكان عرضهم مجرد مناورة بإعتبارها ترقية او شلوط لأعلى هدفه الإطاحة بالسيسى من قيادة الجيش ، ” السيسى ” الذى وصفه دراج بإنه كان الطرف الأعقل والأكثر تفهما من داخل الجيش فى هذه المرحلة ، و لكن من ناحية اخرى من الصعب على ان اعتبر خطاب السيسى فى منتصف مايو 2013 محض مناورة و الذى قال فيه نصا ان دخول الجيش طرفا بشكل مباشر ونزوله الشارع تعنى العودة بالبلاد 40 عاما للخلف وان التسوية السياسية والإحتكام للصندوق هو الحل ” ولا اعتقد ان هناك رجلا سبق و ان كانت مناورته هى اعلان ما سوف يفعله لاحقا بالظبط .. اربعون عاما الى الوراء وربما اكثر ” .. هذه السياقات مهمة .. فالسيسى نفذ تحذيره وانقلب على مجمل المجال السياسى بكل عناصره بما فيه احمد شفيق الحاصل فى الانتخابات على 49 % . والإخوان المسلمين غدروا من البداية بكل شركاء المشهد السياسى واحد تلو الأخر ” وشركاء المشهد ليسوا اصدقاء بالضرورة بل هم الإصدقاء والخصوم ” .

السياقات السابقة لازمه لنا من اجل عدم الوقوع فى فخ تعيين لحظة 30 يونيو كلحظة هزيمة للمكونات الثورية الديمقراطية العلمانية ، الإخوان ظلوا يمارسون فينا فعل الهزيمة حتى صرنا متفرجين منذ بداية 2013 ، وقت اصبح لم يعد هناك اى مساحة من اى نوع لحلول عقلانية نواجه بها غريزة الإنتحار الإخوانى بمعاداة الشعب الذى خرج فى 30 يونيو ، ووقت بعثت فيه الوطنية المصرية فى اشد اشكالها فاشية وابتذالا لمواجهة الخبل الإخوانى بخبل لا يقل اصالة .

تحديد المسؤوليات أمر واجب فلسنا محكمين ديمقراطيين نجلس فوق صفحة التاريخ ، لقد كنا يوما ما طرفا فى المعادلة ، ولن نلوم الضحايا ولكننا لن نعذر المخبول الإخوانى بخبله وفاشيته ، مثلما لن نعذر من خبلهم خبل الإخوان وقفزوا من سفينة الثورة المهزومة الى معسكر الفاشية الوطنية المصرية باسم الضرورة .

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

فى سياق جدالات متقطعه مع بلال علاء وعمرو عزت حول 30 يونيو والموقف الديمقراطى ” الصحيح ” و ” السليم ” ، لدى اشتباك يبدأ من ضرورة تعيين ماهية المتكلم ، لأن معسكر القوة الثورية الديمقراطية العلمانية فى انفراط منذ 2012 ، والمكون الناصرى داخل قوى يناير بدأ نفوذه يزداد بزيادة مستوى تصلب الإخوان واتضاح…

أترك تعليق