أقباط مصر .. الذمية الشرسة أو الذمية السمحة

عملية الإحياء المشبوه لفيديوهات زكريا بطرس اللى أتعملت من حوالى 20 سنة ، لفتت نظر الواحد لقد أيه البلد أتغيرت ، لأن فى وقت ظهور زكريا بطرس وقنواته التلفزيونية وتصريحاته كان فيه تيارات اسلامية متنوعة وبعضها كان موضوع وجوده الرئيسى وحشد الشعبية كان الاستثمار فى الكراهية الطائفية ، واللى كتير منها أنتهى بكوارث ابتدت بحوادث 2005 فى اسكندرية وانتهت بتفجيرات كنيسة القديسيين فى اسكندرية برضه ، لكن كل الحالة البغيضة دى مكنش بيترتب عليها ان جرنان زى المصرى اليوم يقعد يلف على كل مسيحيين البلد المعروفين من فنانين وشخصيات عامة عشان يطلع منهم استنطاق وإدانة لتصريحات زكريا بطرس زى ما بيتعمل اليومين دول ، كما لو كان الفنانيين والشخصيات العامة المسيحية مسؤولة بشكل شخصى وطائفى عن تصريحات شخص تانى قالها من عقدين من الزمان وكما لو كان المسيحيين دول هم كتلة واحدة مسؤولة عن افعال وتصرفات كل فرد فيها ، وده هو الطائفية بالتعريف والتعامل الذمى بالبداهة .

المقارنة بين الزمنين مثير فعلا ، لأن اللحظة الحالية اللى بتدعى على ” التسامح ” و ” المواطنة ” على المستوى الرسمى هى فى الحقيقة تعبير عن ما يمكن تسميته ب ” المعاملة الذمية السمحة ” و السماحة هنا لا تلغى الذمية بل تؤكدها  وعنوانها هو ان المسيحيين كتلة واحدة وليسوا افراد مواطنين سيتم معاملتهم بالحسنى طالما هم ملتزمين ” ككتلة واحدة ” بأداب وشروط معينة ، وهنا الدولة بتموضع نفسها فى مواجهة صيغة ” الذمية الشرسة ” اللى كانت طارحاها التيارات الأسلامية وعنوانها هو عملية اخضاع واذلال المسيحيين طول الوقت وعمل شحن طائفى مستمر فى مواجهتهم وتهديدهم المستمر بسحب مكتسبات ” النصف مواطنة ” اللى خدوها مع الدولة الأسلامية المعاصرة .

مشكلة الذمية الشرسة إنها كانت فكرة ومشروع واحيانا ممارسة اجتماعية شعبية ، لكن عمرها ما كانت ممارسة سلطوية عليا واللى بشك دايما فى امكانية حدوثها ، لكن الذمية السمحة الحالية هى حقيقة وممارسة تجليها السمح هو زيارة الرئيس للكنيسة فى الأعياد المسيحية التى لا تتناقض مع التصورات العقائدية الإسلامية وتجليها الخشن على المستوى الرمزى هو التعامل مع المسيحيين كطائفة فى لحظة زى اللى احنا فيها دى ، وده لأن المصرى اليوم دلوقتى مش جرنان ” اهلى ” بيعبر عن نفسه وكتابه ، الأعلام دلوقتى ككل هو إعلام الدولة وأى صيغة من صيغ التعبير اللى طالع منه بتعبر عن رؤية الدولة وتوجهها .

والكلام هنا موجه لكتير من المسيحيين ولا سيما غير الطائفيين منهم والمنتمين لتيارات حداثية ، واللى استثمروا بوعى او دون وعى فى الصيغة دى خوفا من احتمالات سيادة وسلطة ” الذمية الشرسة ” والكلام هو إن الاستبداد والقسر هم اللى بيرجعونا فعلا لورا ، وان الصيغ السلطانية غير الجمهورية فى الحكم هى اللى بتجيب الأوضاع الذمية فعلا ، وان استهداف الدولة المعاصرة للمسيحيين وتعيينهم كلية كطائفة ولو بالقول والأشارة هو أخطر واقسى 100 مرة من صدامات طائفية أهلية ، وده لأن الاضطهاد الأهلى هو فى الأخر فعل اجتماعى مهواش ممارسة سياسية جامعة حتى لو تيار واسع هو اللى بيغذيه ، لأن فى التحليل الأخير لحظة مذبحة ماسبيرو اللى نفذها الجيش وكانت بغطاء اعلامى طائفى عنيف من التلفزيون الرسمى ومن مذيعات واعلاميين غير اسلاميين وغير محجبات كانت هى اللحظة الأكثر طائفية واضطهادا فى تاريخ مصر ، مش لحظة ما شيخ بيحرض من على منبر أو كافة اشكال الكراهية الطائفية الأهلية الأخرى ، وفى لحظة ماسبيرو دى انكشفت الحقيقة واللى اتقال فيها اما الخضوع التام او القتل بدم بارد ، وأرجو بس إن الناس متنساش ده .

اللى بيحصل دلوقتى هو حصاد الأستبداد والطغيان ذو الطابع الاسلامى السلطانى القديم واللى بيقترب عمره دلوقتى من 10 سنين واللى حصاده الرمزى دلوقتى هو ان فيه جهة ما قررت ” تأديب المسيحيين ” عبر إعادة إحياء فيديوهات زكريا بطرس ثم انتزاع اعترافات واعتذارات من المسيحيين المعاصرين عنها كما لو كانوا هم المسؤولين عنها ، فى حالة أشبه بالعقاب الجماعى ، وده بيثبت فشل المنطق بتاع المفاضلة بين الذمية السمحة والذمية الشرسة واللى هو منطق مغلوط من البداية لأن المسيحيين فى مصر مش ذميين لأنهم بيدخلوا الجيش ويبقوا ظباط وعساكر بقالهم فوق ال 150 سنة ، ولكن الأصرار فى تعيينهم كطائفة واستمراء قطاعات من المسيحيين لهذا التعيين المتقادم هو اللى بيحيي الصيغ الذمية تانى بالرغم من انتفاء شروطها الفعلية والخلاصة هو ان احياء صيغ الحكم ماقبل الحديثة ذات الطابع ” الاسلامى السلطانى ” ودعم ده على انه صمام أمان ضد سيطرة تيارات اسلامية اكثر تطرفا هو اللى بيجيب أوضاع أكثر مذلة وعدم أمانا .

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

عملية الإحياء المشبوه لفيديوهات زكريا بطرس اللى أتعملت من حوالى 20 سنة ، لفتت نظر الواحد لقد أيه البلد أتغيرت ، لأن فى وقت ظهور زكريا بطرس وقنواته التلفزيونية وتصريحاته كان فيه تيارات اسلامية متنوعة وبعضها كان موضوع وجوده الرئيسى وحشد الشعبية كان الاستثمار فى الكراهية الطائفية ، واللى كتير منها أنتهى بكوارث ابتدت بحوادث…

أترك تعليق