الشعب ليس الأب وليس القائد ولا المعلم

بمجرد ما طلع التقرير الصحفى الجديد اللى إتكلم عن تفاصيل تعذيب وتصفية جوليو ريجينى واللى أشار بوضوح إلى إن الشخص اللى سلمه ووشى بيه للأجهزة الأمنية كان رئيس نقابة أو رابطة الباعة الجائلين ،  وجدت بعض الأصدقاء  بيستخدموا الخبر ده فرصة إنهم يعبروا عن قرفهم من كل معنى له صله بالتغيير الاجتماعى ويقولوا أدى أهوه اللى عايزين تغيير من أسفل وأدى الطبقة العاملة اللى واجعين دماغنا بيها – مع أنهم باعة جائلين – بس ما علينا – وأدى الشعب ابن الوسخة اللى ميستاهلش حد يضحى عشانه إلى أخره من لطميات .

طبعا الإحباط مشروع وهو علينا حق وكل حاجه ، وطبعا الصدمة وحشة والغدر أوحش ، وإن شخص أممى ومتفانى زى جوليو ريجينى يلقى التعذيب والموت جزاءا لقناعاته الاشتراكية  وكمان من الناس اللى هو بيشتغل طوعا عشانهم  ووفاءا لقضيتهم هو شيئ خسيس  وحقير ووقعه على النفس مرير ومؤلم جدا وبيهز الواحد ، ولكن …

– الطبقة العاملة / الشعب / الجماهير مهماش مسيح أو مخلص ومهواش مرجع أخلاقى أما أن يعبد ويقدس كصنم او يتم التمرد عليه و تحطيم صنمه  والكفر بيه كأله ، فكرة البحث عن ” بابا ” بمعنى الأب فكرة برجوازية صغيرة وغبية ، لا الطبقة العاملة أب ولا الشعب أب ولا دى طريقة اصلا للتعاطى مع التاريخ بشكل مادى وعقلانى ، الدنيا ليست إما رائعة جدا أو مروعة جدا ، والطبقة العاملة عند الماركسيين ليها أهمية لأنها ” ماديا ” وبحكم اشتراطات معينة تقدر نظريا تقود التغيير للأمام ، مش لأنها عظيمة فى ذاتها و والخير بيشكل مكنون روحها ووجدانها ، ولو الاشتراطات دى مش موجودة على مستوى الوعى والتنظيم وطبيعة تكوين وعمل رأس المال اللى الطبقة العاملة دى موجوده جواه ممكن  الطبقة العاملة وقتها تبقى طبقة متخلفة وليست رافعة منجنيق للتقدم ولا أى شيئ من هذا القبيل .

– دى مش طريقة سليمة للاشتباك مع مشهد عمالى وبتفتقر للمعرفة والمعلومات  لأن النقابات العمالية الامريكية  على سبيل المثال كان قطاع معتبر منها فى فترة من الفترات تحت سيطرة المافيا حرفيا وبشكل مباشر وده مش معناه إن العمال الامريكين أصبحوا بالكلية شيئ مشين أو مجموعات من البشر التى لا يعول عليها .

– تفصيلا بقى فى الواقعة  دى تحديدا فإحنا بنتكلم عن رابطة أو نقابة للباعة الجائلين اللى كانوا محتلين شارع طلعت حرب من بعد ثورة يناير واللى كان تفاوضهم الرئيسى واليومى مع الأمن وأجهزته 24 ساعة فى ال 24 ساعة – مش فاهم الناس متوقعة ايه يعنى – يعنى شوية حثالة حاولت تنظم نفسها وده شيئ عظيم وكفاحى ومحمود لكنهم بينظموا نفسهم فى شارع طلعت حرب مع معاون قسم قصر النيل أو قسم عابدين ، دى الحقيقة وعدم إدراكها مشكلة اللى مش مدركها وقصور معرفى منه بالبلد والمدينة اللى عايش فيها.

– حثالة البروليتاريا أو حتى البروليتاريا نفسها فى مصر حتجيب منين يعنى وعى تانى غير الوعى الوطنى الناصرى اللى هيمن اكتر واكتر وإتضاعف وإتضرب فى ألف بعد 30 يونيو 2013 حيث مقولات بتاع الطابور الخامس والمؤامرة الخارجية بتتقال زى صباح الخير، حتجيب منين وعى إذا كان قطاع لا بأس به من المثقفين اليساريين اللى نادرا ما بيكونوا وسطهم أو معاهم أو يشكلوا رابطة ما وسيطهم أو ما بينهم وما بين  العالم الأوسع هم فى الحقيقة بيحملوا نفس الوعى المنحط بدرجة او بأخرى ، فليه يعنى  تحديدا الراجل بتاع رابطة الباعة الجائلين حيبقى مش مخبر وفيه  أفندية ودكاترة وبروفيسيرات كتير جدا وبيحبوا الشعب والتغيير وكل حاجه و كانوا مستعدين يبقوا مستشارين وأجنحة تغيير جوه النظم الفاشية دى – فالفروق مش كيفية يعنى .

– أخيرا أنا كلامى هنا مش موجهه لعموم الجماهير فى بر مصر ولا للحطابين خلف نار المدفأة فى الشتاء ، انا بوجهه من خلال بوست على الفيس بوك لمجموعة من الأصدقاء والمتابعين اللى نقدر اجمالا نقول عليهم متعلمين بيسعوا إلى مزيد من نحت وبلورة وعيهم النقدى عشان يكونوا مثقفين ، ونصيحتى هنا المثقف  شخص المفروض أن لا يبحث عن أى ” بابا ” حتى ولو كان ” الشعب ” ، لان محدش بيقود أو بيغير أو بيعيد تشكيل أبوه ، ولأن و للمرة الألف التاريخ ليست مهمته إسعاد المثقفين .

 

اشترك فى القائمة البريدية

أقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيدا من المعلومات

بمجرد ما طلع التقرير الصحفى الجديد اللى إتكلم عن تفاصيل تعذيب وتصفية جوليو ريجينى واللى أشار بوضوح إلى إن الشخص اللى سلمه ووشى بيه للأجهزة الأمنية كان رئيس نقابة أو رابطة الباعة الجائلين ،  وجدت بعض الأصدقاء  بيستخدموا الخبر ده فرصة إنهم يعبروا عن قرفهم من كل معنى له صله بالتغيير الاجتماعى ويقولوا أدى أهوه…

أترك تعليق